904 مسألة : 
ودخول مكة  بلا إحرام  جائز ; لأن النبي عليه السلام إنما جعل المواقيت لمن مر بهن يريد حجا ، أو عمرة ، ولم يجعلها لمن لم يرد حجا ولا عمرة ، فلم يأمر الله - تعالى - قط ، ولا رسوله عليه السلام بأن لا يدخل مكة  إلا بإحرام فهو إلزام ما لم يأت في الشرع إلزامه . 
وروينا عن  ابن عباس    : لا يدخل أحد مكة  إلا محرما . 
وعن  ابن عمر  أنه رجع من بعض الطريق فدخل مكة  غير محرم . 
وعن  ابن شهاب    : لا بأس بدخول مكة  بغير إحرام . 
وقال  أبو حنيفة    : أما من كان منزله بحيث يكون الميقات بينه وبينها فلا يدخلها إلا بإحرام بعمرة أو حجة ، وأما من كان منزله بين الميقات ومكة  أو كان من أهل الميقات فله دخول مكة  ولا إحرام . 
وقال  مالك    : لا يدخل أحد مكة  إلا بإحرام إلا من اختلف من الطائف  وعسفان  ، بالحطب ، والفاكهة : فله دخولها بلا إحرام ، وإلا العبيد فلهم دخولها بلا إحرام ، وإلا من خرج منها ، ثم رجع من قرب فله دخولها بلا إحرام . 
وقال  الشافعي    : لا يدخلها أحد إلا بإحرام . 
فأما قول  أبي حنيفة  ففي غاية الفساد ; لأنه تقسيم لا يعقل ولا له وجه ، وفيه إيجاب حج وعمرة لم يوجبها الله - تعالى - ولا رسوله عليه السلام ; وإنما يجب في الدين مرة في الدهر إلا من نذر ذلك فيجب أن يفي بنذره بالنص ، وقول  مالك  أيضا : كذلك سواء سواء - وما نعرف لهما في هذين القولين سلفا أصلا . 
والعجب من احتجاج من احتج في ذلك { بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة  إنها حرام  [ ص: 308 ] بحرمة الله إلى يوم القيامة لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار ، ثم عادت كحرمتها بالأمس   } . 
فليت شعري بأي شيء استحلوا أن يوهموا في هذا الخبر ما ليس فيه أثر ولا دليل ؟ وإنما أخبر عليه السلام أن سفك الدماء والقتال حرام لم يحل لأحد قبله كما ذكرنا قبل هذا وليس في هذا الحديث للإحرام معنى . 
وقد صح أنه عليه السلام دخلها وعلى رأسه المغفر أو عمامة سوداء ، وهو غير محرم - وحتى لو لم يأت هذا لكان في أنه لم يأت بإيجاب الإحرام على من قصدها لغير حج ، أو عمرة كفاية . وبالله - تعالى - التوفيق . . 
				
						
						
