908 مسألة : ولا بد كما قلنا ولا يحل له أن يأكل من شيء من الأهداء الواجبة إذا بلغت محلها فإن أكل ضمن مثل ما أكل فقط ، ويأكل من هدي التطوع إذا بلغ محله أصلا ويتصدق بجلاله وجلوده ولا بد . ولا يعطى في جزارة الهدي شيء منه
أما التطوع فلقول الله - تعالى - : { والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر } ، وأمر الله - تعالى - فرض .
ومن طريق نا مسلم إسحاق بن إبراهيم عن عن حاتم بن إسماعيل جعفر بن محمد عن أبيه { فذكر حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جابر بن عبد الله ثم انصرف رسول الله عليه السلام إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة ، ثم أعطى جابر فنحر ما غبر وأشركه في هديه ، ثم أمر في كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها عليا } فهذا أمر منه عليه السلام بأخذ البضعة وطبخها ولم يقتصر على الأكل من بعض الهدي دون بعض . عن
ومن طريق محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أنا عمران بن يزيد نا نا شعيب بن إسحاق نا ابن جريج الحسن بن مسلم أن أخبره أن مجاهدا أخبره { عبد الرحمن بن أبي ليلى أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يقسم بدنه كلها لحومها وجلودها وجلالها في المساكين ولا يعطي في جزارتها منها شيئا علي بن أبي طالب } . [ ص: 313 ] أن
قال : من جعل بعض أوامره عليه السلام في كل ما ذكرنا فرضا وبعضها ندبا فقد تحكم في دين الله - تعالى - بالباطل وبما لا يحل من القول . أبو محمد
وروينا عن عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن حماد بن أبي سليمان إبراهيم عن علقمة عن أنه بعث بهدي وقال : كل أنت وأصحابك ثلثا وتصدق بثلث وابعث إلى آل ابن مسعود عتبة ثلثا .
ومن طريق عن وكيع ابن أبي رواد عن عن نافع قال : الضحايا والهدايا : ثلث لأهلك ، وثلث لك ، وثلث للمساكين . ابن عمر
وعن عن معمر عن عاصم أبي مجلز : أن أمر أن يدفع له من أضحيته بضعة ويتصدق بسائرها . ابن عمر
واختلف الناس فيما يؤكل من الهدي - : فروينا من طريق عن يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال : يؤكل من كل شيء إلا من جزاء صيد ونذر . ابن عمر
وعن : لا يؤكل من جزاء الصيد ولا من النذر ولا مما جعل للمساكين . علي
وعن عن معمر عن قتادة الحسن : يؤكل من الهدي كله إلا من جزاء الصيد - وقال الأوزاعي يؤكل من الهدي خمسة : النذر ، والمتعة ، والتطوع ، والوصية ، والمحصر ، إلا الكفارات كلها .
وقال : لا يؤكل من شيء من الهدي إلا المتعة ، والقران ، والتطوع إذا بلغ محله - وقال أبو حنيفة : يؤكل من كل شيء من الهدي إلا التطوع إذا لم يبلغ محله ، وجزاء الصيد ، وفدية الأذى ، ونذر المساكين . مالك
قال : هذه آراء مجردة لا دليل على شيء منها . أبو محمد
واحتج بعضهم بأن يؤكل من كل هدي إلا ما جعل للمساكين . فقلنا : وأين وجدتم أن جزاء الصيد للمساكين ، وأن هدي المتعة والإحصار ليس للمساكين ؟
وقال بعضهم : قسنا هدي المتعة على هدي القران . [ ص: 314 ] فقلنا : أين وجدتم أن على القارن هديا يلزمه بعد قرانه ؟ وقد مضى الكلام في هذا - وبالله - تعالى - التوفيق .
قال : كل هدي أوجبه الله - تعالى - فرضا فقد ألزم صاحبه إخراجه من ماله وقطعه منه ; فإذ هو كذلك فلا يحل له ما قد سقط ملكه عنه إلا بنص ; لكن يأكل منه أهله وولده إن شاءوا ; لأنهم غيره إلا ما سمي للمساكين فلا يأكلوا منه إن لم يكونوا مساكين - وبالله - تعالى - التوفيق . علي