926 مسألة : 
ولا يحل قتل نسائهم ولا قتل من لم يبلغ منهم  ، إلا أن يقاتل أحد ممن ذكرنا فلا يكون للمسلم منجى منه إلا بقتله فله قتله حينئذ . 
روينا من طريق  البخاري  نا  أحمد بن يونس  نا  الليث هو ابن سعد    - عن  نافع  أن  [ ص: 348 ]  ابن عمر  أخبره " أن [ امرأة وجدت في بعض مغازي النبي صلى الله عليه وسلم مقتولة فأنكر ] رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل النساء والصبيان " . 
927 - مسألة : 
فإن أصيبوا في البيات أو في اختلاط الملحمة عن غير قصد فلا حرج في ذلك . 
روينا من طريق  البخاري  نا علي بن عبد الله  نا سفيان  نا الزهري  عن  عبيد الله بن عبد الله بن عتبة  عن  ابن عباس  عن الصعب بن جثامة الليثي    { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أهل الدار يبيتون من المشركين فيصاب من ذراريهم ونسائهم ؟ فقال : هم من آبائهم   } . 
928 - مسألة : 
وجائز قتل كل من عدا من ذكرنا من المشركين من مقاتل ، أو غير مقاتل ، أو تاجر ، أو أجير - وهو العسيف - أو شيخ كبير كان ذا رأي ، أو لم يكن ، أو فلاح ، أو أسقف ، أو قسيس ، أو راهب ، أو أعمى ، أو مقعد لا تحاش أحدا . 
وجائز استبقاؤهم أيضا قال الله - تعالى - : { فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم    } فعم - عز وجل - كل مشرك بالقتل إلا أن يسلم . 
وقال قوم : لا يقتل أحد ممن ذكرنا ، واحتجوا بخبر رويناه من طريق أحمد بن شعيب   أخبرنا  قتيبة  نا المغيرة  عن  أبي الزناد  عن المرقع  عن جده رباح بن الربيع  قال { كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل : أدرك  خالدا  وقل له : لا تقتلن ذرية ، ولا عسيفا   } . 
ومن طريق سفيان  عن عبد الله بن ذكوان  عن المرقع بن صيفي  عن عمه حنظلة الكاتب    " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا تقتلوا الذرية ولا عسيفا   } . 
ومن طريق  أبي بكر بن أبي شيبة  نا  يحيى بن آدم  نا  الحسن بن صالح بن حيي  عن خالد بن الفرز    { عن  أنس بن مالك  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم : انطلقوا باسم الله وفي سبيل الله تقاتلون عدو الله لا تقتلوا شيخا فانيا ، ولا طفلا ، ولا امرأة   }  [ ص: 349 ] 
ومن طريق  ابن أبي شيبة  نا حميد  عن شيخ من أهل المدينة  مولى لبني عبد الأشهل  عن  داود بن الحصين  عن عكرمة  عن  ابن عباس    { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيوشه قال : لا تقتلوا أصحاب الصوامع   } . 
ومن طريق القعنبي  نا إبراهيم بن إسماعيل  عن  داود بن الحصين  عن عكرمة    " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا تقتلوا أصحاب الصوامع   } . 
ومن طريق  حماد بن سلمة  أخبرنا  عبيد الله بن عمر  قال {   : كتب  عمر بن عبد العزيز  إلى بعض أمرائه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تقتلوا صغيرا ولا امرأة ولا شيخا كبيرا   } . 
وعن  حماد بن سلمة  عن شيخ بمنى  عن أبيه { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل العسفاء والوصفاء   } . 
ومن طريق  قيس بن الربيع  عن عمر مولى عنبسة  عن زيد بن علي بن الحسين  عن أبيه عن  علي بن أبي طالب    { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يقتل شيخ كبير أو يعقر شجر إلا شجر يضر بهم   } . 
ومن طريق  ابن أبي شيبة  عن  عيسى بن يونس  عن  الأحوص  عن  راشد بن سعد    { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الشيخ الذي لا حراك به   } . 
وذكروا عن  أبي بكر  رضي الله عنه أنه قال لأمير له : لا تقتلن امرأة ، ولا صبيا ، ولا كبيرا هرما ، إنك ستمر على قوم قد حبسوا أنفسهم في الصوامع زعموا لله فدعهم وما حبسوا أنفسهم له ، وستمر على قوم قد فحصوا من أوساط رءوسهم وتركوا فيها من شعورهم أمثال العصائب فاضرب ما فحصوا عنه بالسيف . 
وعن  جابر بن عبد الله  قال : كانوا لا يقتلون تجار المشركين وقالوا : إنما نقتل من قاتل - وهؤلاء لا يقاتلون . هذا كل ما شغبوا به ، وكل ذلك لا يصح . 
أما حديث المرقع  فالمرقع  مجهول . وأما حديث  ابن عباس  فعن شيخ مدني لم يسم ، وقد سماه بعضهم فذكر إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة  وهو ضعيف .  [ ص: 350 ] والخبران الآخران ، مرسلان . وكذلك حديث راشد  مرسل ولا حجة في مرسل . وأما حديث أنس فعن خالد بن الفرز وهو مجهول . وحديث  حماد بن سلمة  عن شيخ بمنى  عن أبيه - وهذا عجب جدا وأعجب منه أن يترك له القرآن وأما حديث  قيس بن الربيع  فليس قيس  بالقوي ، ولا عمر مولى عنبسة  معروفا ، وعلي بن الحسين  لم يولد إلا بعد موت جده رضي الله عنهم ، فسقط كل ما موهوا به . 
وأما الرواية عن أبي بكر  فمن عجائبهم هذا الخبر نفسه : عن أبي بكر  رضي الله عنه فيه جاء نهي  أبي بكر  رضي الله عنه عن عقر شيء من الإبل ، أو الشاة إلا لمأكلة . 
وفيه جاء : أن لا يقطع الشجر ولا يغرق النحل - فخالفوه كما اشتهوا حيث لا يحل خلافه ; لأن السنة معه ، وحيث لا يعرف له مخالف من الصحابة . 
ثم احتجوا به حيث خالفه غيره من الصحابة رضي الله عنهم ، وهذا عجب جدا في خبر واحد وأما قول  جابر  لم يكونوا يقتلون تجار المشركين فلا حجة لهم فيه ; لأنه لم يقل : إن تركهم قتلهم كان في دار الحرب وإنما أخبر عن جملة أمرهم . 
ثم لو صح مبينا عنه لما كان لهم فيه متعلق ; لأنه ليس فيه نهي عن قتلهم ، وإنما فيه اختيارهم لتركهم فقط . 
وروينا عن الحسن  ،  ومجاهد  ، والضحاك  النهي عن قتل الشيخ الكبير  ولا يصح عن  مجاهد  ، والضحاك    ; لأنه من طريق جويبر  ،  وليث بن أبي سليم  وكذلك أيضا هذا الخبر عن  أبي بكر  لا يصح ; لأنه عن يحيى بن سعيد  ،  وعطاء  ، وثابت بن الحجاج  ، وكلهم لم يولد إلا بعد موت أبي بكر  رضي الله عنه بدهر . ومن طريق فيها  الحجاج بن أرطاة    - وهو هالك - ولو شئنا أن نحتج بخبر الحسن  عن سمرة  عن النبي صلى الله عليه وسلم وبخبر  الحجاج  مسندا { اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا  [ ص: 351 ] شرخهم   } لكنا أدخل منهم في الإيهام ; ولكن يعيذنا الله - عز وجل - من أن نحتج بما لا نراه صحيحا ، وفي القرآن وصحيح السنن كفاية . 
وأما قولهم : إنما نقتل من قاتل ، فباطل ; بل نقتل كل من يدعى إلى الإسلام منهم حتى يؤمن أو يؤدي الجزية إن كان كتابيا كما أمر الله - تعالى - في القرآن لا كما أمر  أبو حنيفة  إذ يقول : إن ارتدت المرأة لم تقتل ، فإن قتلت قتلت ، وإن سب المشركون أهل الذمة  النبي صلى الله عليه وسلم تركوا ، وسبهم له حتى يشفوا صدورهم ويخزى المسلمون بذلك . تبا لهذا القول وقائله . 
وروينا من طريق  وكيع  نا سفيان  نا عبد الملك بن عمير القرظي  نا { عطية القرظي  قال : عرضت يوم قريظة  على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان من أنبت قتل ، ومن لم ينبت خلي سبيله ، فكنت فيمن لم ينبت   } . 
فهذا عموم من النبي صلى الله عليه وسلم لم يستبق منهم عسيفا ، ولا تاجرا ، ولا فلاحا ، ولا شيخا كبيرا ، وهذا إجماع صحيح منهم رضي الله عنهم متيقن ; لأنهم في عرض من أعراض المدينة  لم يخف ذلك على أحد من أهلها . 
ومن طريق  حماد بن سلمة    : أخبرنا  أيوب السختياني  ،  وعبيد الله بن عمر  كلاهما عن  نافع  عن  أسلم  مولى  عمر بن الخطاب  قال : كتب  عمر بن الخطاب  إلى أمراء الأجناد : أن لا يجلبوا إلينا من العلوج أحدا ، اقتلوهم ، ولا تقتلوا من جرت عليهم المواسي ولا تقتلوا صبيا ، ولا امرأة . 
ومن طريق  ابن أبي شيبة  عن  ابن نمير  نا  عبيد الله بن عمر  عن  نافع  عن  ابن عمر  قال : كتب  عمر  إلى الأجناد : لا تقتلوا امرأة ، ولا صبيا ، وأن يقتلوا كل من جرت عليه المواسي . 
فهذا  عمر  رضي الله عنه لم يستثن شيخا ، ولا راهبا ، ولا عسيفا ، ولا أحدا إلا النساء ، والصبيان فقط ; ولا يصح عن أحد من الصحابة خلافه - وقد قتل دريد بن الصمة  وهو شيخ هرم قد اهتز عقله فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : لأنه كان ذا رأي ؟ فقلنا لهم : ومن ذا الذي قسم لكم ذا الرأي من غيره ، فلا سمعا له ولا طاعة - ومثل هذه التقاسيم لا تؤخذ إلا من القرآن ، أو عن النبي صلى الله عليه وسلم وبالله - تعالى - نتأيد . 
				
						
						
