948 - مسألة :
ومن
nindex.php?page=treesubj&link=2943_24336وجد كنزا من دفن كافر غير ذمي - جاهليا كان الدافن ، أو غير جاهلي - فأربعة أخماسه له حلال ، ويقسم الخمس حيث يقسم خمس الغنيمة ، ولا يعطي للسلطان من كل ذلك شيئا إلا إن كان إمام عدل فيعطيه الخمس فقط ، وسواء وجده في فلاة في أرض
العرب ، أو في أرض خراج ، أو أرض عنوة ، أو أرض صلح ; أو في داره ، أو في دار مسلم ، أو في دار ذمي ، أو حيث ما وجده حكمه سواء كما ذكرنا ، وسواء وجده حر ، أو عبد ، أو امرأة ، قال الله عز وجل : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول } الآية ، وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=69فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا } ، ومال الكافر غير الذمي غنيمة لمن وجده .
وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2725وفي الركاز الخمس }
ومن حديث رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان نا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12387إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها " أن رجلا قال لها : أصبت كنزا فرفعته إلى السلطان فقالت
عائشة : بفيك الكثكث " الكثكث التراب وقولنا هذا هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15858أبي سليمان ، ولا يكون وجوده في أرض ممتلكة لمسلم ، أو ذمي موجبا لملك صاحب الأرض له لأنه غير الأرض ، فلا يكون ملك الأرض ملكا لما فيها من غيرها من صيد ، أو لقطة ، أو دفينة ، أو غير ذلك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كقولنا ، إلا أنه قال : إن ادعى صاحب الأرض التي وجد فيها أنه قد وجده ثم أقره فهو له - وهذا ليس بشيء لأنها دعوى لا بينة له عليها فهو
[ ص: 386 ] لمن وجده ; لأنه في يده وهو غانمه إلا أن يوجد أثر استخراجه ، ثم رده فيكون حينئذ قول صاحب الأرض حقا ، وأما إذا وجد كما وضع أول مرة فكذب مدعيه ظاهر بلا شك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا يكون لواجده إلا أن يجده في صحارى أرض
العرب فهو له بعد الخمس ، فإن وجده في أرض عنوة فهو كله لبقايا مفتتحي تلك البلاد ، وفيه الخمس ; فإن وجده في أرض صلح فهو كله لأهل الصلح ، ولا خمس فيه .
وهذا خطأ ظاهر من وجوه : أولها : أنه أسقط الخمس عما وجد من ذلك في أرض صلح ، وهذا خلاف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2725وفي الركاز الخمس } فعم عليه السلام ولم يخص أرض صلح من غيرها .
وثانيها : أنهم إنما صالحوا على ما يملكونه مما بأيديهم لا على ما لا يملكونه ولا هو بأيديهم ولا يعرفونه .
وثالثها : أنهم لو ملكوا كل ركاز في الأرض التي صالحوا عليها لوجب أن تملكه أيضا
العرب الذين أسلموا على بلادهم فيكون ما وجد فيها من ركاز للذين أسلموا على تلك الأرض - وهذا خلاف قولهم .
وأما قوله : فيما وجد في أرض العنوة أنه لورثة المفتتحين . فخطأ لأن المفتتحين للأرض إنما يملكون ما غنموا ، لا ما لم يغنموا ، والركاز مما لم يغنموا ، ولا حصلوا عليه ، ولا أخذوه ; فلا حق لهم فيه .
والعجب كله أنهم لا يجعلون الأرض حقا للمفتتحين أرض العنوة وهم غنموها ثم يجعلون الركاز الذي فيها حقا لهم وهم لم يغنموه .
وقال الحنفيون : هو لواجده وعليه فيه الخمس ، وله أن يأخذ الخمس إن كان محتاجا إلا أن يجده في دار اختطها مسلم ، أو في دار الحرب ، فإنه إن وجده في دار اختطها مسلم فهو لصاحب الخطة وفيه الخمس ; وإن وجده في دار حربي وقد دخلها بأمان فهو كله للحربي ، وإن وجده في صحراء في دار الحرب فهو كله لواجده ولا خمس عليه فيه .
[ ص: 387 ] وهذا تقسيم في غاية الفساد ، وخلاف لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن في الركاز الخمس - فعم عليه السلام ولم يخص ; ولا يعرف هذا التقسيم عن أحد قبل
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وهو مع ذلك قول بلا برهان ، وفيه عن السلف آثار . منها : ما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد عن
الشعبي : أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا أتاه رجل بألف وخمسمائة درهم وجدها في خربة
بالسواد ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : إن كنت وجدتها في قرية خربة تحمل خراجها قرية عامرة فهي لهم ، وإن كانت لا تحمل خراجها فلك أربعة أخماسه ولنا خمسه ، وسأطيبه لك جميعا .
وهذا خلاف قول الحنفيين ، والمالكيين ، لأن
السواد أخذ عنوة لا صلحا ، وكان في أيام
nindex.php?page=showalam&ids=8علي دار إسلام ، وقبل ذلك بدهر ، وشيء رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : أن أبا
موسى وجد
دانيال بالسوس إذ فتحها ومعه مال إلى جنبه ، كانوا يستقرضون منه ما احتاجوا إلى أجل مسمى ، فإذا جاء ذلك الأجل ولم يرده المستقرض برص فكتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بذلك . فكتب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : كفنه ، وحنطه ، وصل عليه ، وادفنه كما دفنت الأنبياء واجعل المال في بيت مال المسلمين ، وهذا صحيح ، لأنه لم يكن ركازا ، إنما كان معلوما ظاهرا ، ولم يكن من أموال الكفار فيخمس ويغنم ; بل كان مال نبي فهو للمسلمين في مصالحهم .
ومنها : خبر عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر من طريق
سماك بن حرب عن
جرير بن رياح عن أبيه : أنهم أصابوا قبرا
بالمدائن ، وفيه ميت عليه ثياب منسوجة بالذهب ، ومعه مال ؟ فكتب فيه
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ؟ فكتب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أعطهم إياه ولا تنزعه منهم - وهذا قولنا لا قولهم ، إلا أنه ليس فيه ذكر خمس ; ولا بد من الخمس عندنا وعندهم .
وخبر من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16878مجالد عن
الشعبي : أن رجلا وجد ألف دينار مدفونة خارج
المدينة ، فأتى بها
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فأخذ خمسها مائتي دينار ودفع إليه الباقي ; ثم جعل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يقسم المائتين بين من حضر من المسلمين إلى أن فضل منها فضلة فدفعها إلى واجدها - وهذا قولنا ، إلا في صفة قسمته الخمس .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب أخبره أن عبدا وجد ركزة على عهد
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فأعتقه منها ، وأعطاه منها ، وجعل سائرها في بيت المال - وهم لا يقولون بهذا ، وسواء عندنا وجد الركاز حر ، أو عبد ، الحكم [ عندنا ] واحد على ما قدمنا .
[ ص: 388 ]
وروينا خبرين : أحدهما - من طريق
الزمعي عن عمته
قريبة بنت عبد الله بن وهب عن أمها
كريمة بنت المقداد بن الأسود عن
nindex.php?page=showalam&ids=10960ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49859أن المقداد خرج إلى حاجته ببقيع الخبخبة فإذا جرذ يخرج من جحر دينارا بعد دينار ، ثم أخرج خرقة حمراء فكانت ثمانية عشر دينارا فأخذها وحملها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل أهويت الجحر ؟ قال : لا ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : بارك الله لك فيها } وهذا خبر ليس موافقا لقول أحد ممن ذكرنا وإسناده مظلم ،
الزمعي عن عمته
قريبة وهي مجهولة ; ولعل تلك الدنانير من دفن مسلم مجهول ميئوس عن معرفته فهي لمن وجدها عندنا كلها .
وخبر آخر : من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين عن
وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق عن
يحيى بن أبي بجير {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49860عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروجه إلى الطائف فمروا بقبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا قبر أبي رغال وكان بهذا الحرم يدفع عنه ، فلما خرج أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه ، وآية ذلك أنه دفن معه غصن من ذهب إن أنتم نبشتم عنه وجدتموه ، فابتدره الناس فوجدوا الغصن } وهذا لا يصح ، لأنه عن
يحيى بن أبي بجير وهو مجهول ; ثم لا حجة فيه لقول أحد ممن ذكرنا ; وإنما فيه نبش قبور المشركين فقط وبالله تعالى التوفيق .
948 - مَسْأَلَةٌ :
وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2943_24336وَجَدَ كَنْزًا مِنْ دَفْنِ كَافِرٍ غَيْرِ ذِمِّيٍّ - جَاهِلِيًّا كَانَ الدَّافِنُ ، أَوْ غَيْرَ جَاهِلِيٍّ - فَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لَهُ حَلَالٌ ، وَيَقْسِمُ الْخُمُسَ حَيْثُ يُقْسَمُ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ ، وَلَا يُعْطِي لِلسُّلْطَانِ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ شَيْئًا إلَّا إنْ كَانَ إمَامَ عَدْلٍ فَيُعْطِيه الْخُمُسَ فَقَطْ ، وَسَوَاءٌ وَجَدَهُ فِي فَلَاةٍ فِي أَرْضِ
الْعَرَبِ ، أَوْ فِي أَرْضِ خَرَاجٍ ، أَوْ أَرْضِ عَنْوَةٍ ، أَوْ أَرْضِ صُلْحٍ ; أَوْ فِي دَارِهِ ، أَوْ فِي دَارِ مُسْلِمٍ ، أَوْ فِي دَارِ ذِمِّيٍّ ، أَوْ حَيْثُ مَا وَجَدَهُ حُكْمُهُ سَوَاءٌ كَمَا ذَكَرنَا ، وَسَوَاءٌ وَجَدَهُ حُرٌّ ، أَوْ عَبْدٌ ، أَوْ امْرَأَةٌ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ } الْآيَةَ ، وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=69فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا } ، وَمَالُ الْكَافِرِ غَيْرِ الذِّمِّيِّ غَنِيمَةٌ لِمَنْ وَجَدَهُ .
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ عَنْ
ابْنِ شِهَابٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2725وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ }
وَمِنْ حَدِيثٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17293يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ نَا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شُعْبَةُ حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12387إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهَا : أَصَبْت كَنْزًا فَرَفَعْته إلَى السُّلْطَانِ فَقَالَتْ
عَائِشَةُ : بِفِيك الْكَثْكَثُ " الْكَثْكَثُ التُّرَابُ وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15858أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَلَا يَكُونُ وُجُودُهُ فِي أَرْضٍ مُمْتَلَكَةٍ لِمُسْلِمٍ ، أَوْ ذِمِّيٍّ مُوجِبًا لِمِلْكِ صَاحِبِ الْأَرْضِ لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ الْأَرْضِ ، فَلَا يَكُونُ مِلْكُ الْأَرْضِ مِلْكًا لِمَا فِيهَا مِنْ غَيْرِهَا مِنْ صَيْدٍ ، أَوْ لُقَطَةٍ ، أَوْ دَفِينَةٍ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ كَقَوْلِنَا ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ : إنْ ادَّعَى صَاحِبُ الْأَرْضِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا أَنَّهُ قَدْ وَجَدَهُ ثُمَّ أَقَرَّهُ فَهُوَ لَهُ - وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهَا دَعْوَى لَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهَا فَهُوَ
[ ص: 386 ] لِمَنْ وَجَدَهُ ; لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَهُوَ غَانِمُهُ إلَّا أَنْ يُوجَدَ أَثَرُ اسْتِخْرَاجِهِ ، ثُمَّ رَدِّهِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ قَوْلُ صَاحِبِ الْأَرْضِ حَقًّا ، وَأَمَّا إذَا وُجِدَ كَمَا وُضِعَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَكَذِبُ مُدَّعِيه ظَاهِرٌ بِلَا شَكٍّ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : لَا يَكُونُ لِوَاجِدِهِ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ فِي صَحَارَى أَرْضِ
الْعَرَبِ فَهُوَ لَهُ بَعْدَ الْخُمُسِ ، فَإِنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ عَنْوَةٍ فَهُوَ كُلُّهُ لِبَقَايَا مُفْتَتِحِي تِلْكَ الْبِلَادِ ، وَفِيهِ الْخُمُسُ ; فَإِنْ وَجَدَهُ فِي أَرْضِ صُلْحٍ فَهُوَ كُلُّهُ لِأَهْلِ الصُّلْحِ ، وَلَا خُمُسَ فِيهِ .
وَهَذَا خَطَأٌ ظَاهِرٌ مِنْ وُجُوهٍ : أَوَّلُهَا : أَنَّهُ أَسْقَطَ الْخُمُسَ عَمَّا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ فِي أَرْضِ صُلْحٍ ، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=2725وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ } فَعَمَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمْ يَخُصَّ أَرْضَ صُلْحٍ مِنْ غَيْرِهَا .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُمْ إنَّمَا صَالَحُوا عَلَى مَا يَمْلِكُونَهُ مِمَّا بِأَيْدِيهِمْ لَا عَلَى مَا لَا يَمْلِكُونَهُ وَلَا هُوَ بِأَيْدِيهِمْ وَلَا يَعْرِفُونَهُ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُمْ لَوْ مَلَكُوا كُلَّ رِكَازٍ فِي الْأَرْضِ الَّتِي صَالَحُوا عَلَيْهَا لَوَجَبَ أَنْ تَمْلِكَهُ أَيْضًا
الْعَرَبُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا عَلَى بِلَادِهِمْ فَيَكُونُ مَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ رِكَازٍ لِلَّذِينَ أَسْلَمُوا عَلَى تِلْكَ الْأَرْضِ - وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِمْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : فِيمَا وُجِدَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ أَنَّهُ لِوَرَثَةِ الْمُفْتَتِحِينَ . فَخَطَأٌ لِأَنَّ الْمُفْتَتِحِينَ لِلْأَرْضِ إنَّمَا يَمْلِكُونَ مَا غَنِمُوا ، لَا مَا لَمْ يَغْنَمُوا ، وَالرِّكَازُ مِمَّا لَمْ يَغْنَمُوا ، وَلَا حَصَلُوا عَلَيْهِ ، وَلَا أَخَذُوهُ ; فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِيهِ .
وَالْعَجَبُ كُلُّهُ أَنَّهُمْ لَا يَجْعَلُونَ الْأَرْضَ حَقًّا لِلْمُفْتَتِحَيْنِ أَرْضَ الْعَنْوَةِ وَهُمْ غَنِمُوهَا ثُمَّ يَجْعَلُونَ الرِّكَازَ الَّذِي فِيهَا حَقًّا لَهُمْ وَهُمْ لَمْ يَغْنَمُوهُ .
وَقَالَ الْحَنَفِيُّونَ : هُوَ لِوَاجِدِهِ وَعَلَيْهِ فِيهِ الْخُمُسُ ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْخُمُسَ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَّا أَنْ يَجِدَهُ فِي دَارٍ اخْتَطَّهَا مُسْلِمٌ ، أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، فَإِنَّهُ إنْ وَجَدَهُ فِي دَارٍ اخْتَطَّهَا مُسْلِمٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْخُطَّةِ وَفِيهِ الْخُمُسُ ; وَإِنْ وَجَدَهُ فِي دَارِ حَرْبِيٍّ وَقَدْ دَخَلَهَا بِأَمَانٍ فَهُوَ كُلُّهُ لِلْحَرْبِيِّ ، وَإِنْ وَجَدَهُ فِي صَحْرَاءَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ كُلُّهُ لِوَاجِدِهِ وَلَا خُمُسَ عَلَيْهِ فِيهِ .
[ ص: 387 ] وَهَذَا تَقْسِيمٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ ، وَخِلَافٌ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسَ - فَعَمَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمْ يَخُصَّ ; وَلَا يُعْرَفُ هَذَا التَّقْسِيمُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ قَوْلٌ بِلَا بُرْهَانٍ ، وَفِيهِ عَنْ السَّلَفِ آثَارٌ . مِنْهَا : مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12428إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ
الشَّعْبِيِّ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا أَتَاهُ رَجُلٍ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَجَدَهَا فِي خَرِبَةٍ
بِالسَّوَادِ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ : إنْ كُنْت وَجَدَتْهَا فِي قَرْيَةٍ خَرِبَةٍ تَحْمِلُ خَرَاجَهَا قَرْيَةٌ عَامِرَةٌ فَهِيَ لَهُمْ ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحْمِلُ خَرَاجَهَا فَلَكَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَلَنَا خُمُسُهُ ، وَسَأُطَيِّبُهُ لَك جَمِيعًا .
وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ الْحَنَفِيِّينَ ، وَالْمَالِكِيِّينَ ، لِأَنَّ
السَّوَادَ أُخِذَ عَنْوَةً لَا صُلْحًا ، وَكَانَ فِي أَيَّامِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ دَارَ إسْلَامٍ ، وَقَبْلَ ذَلِكَ بِدَهْرٍ ، وَشَيْءٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ : أَنَّ أَبَا
مُوسَى وَجَدَ
دَانْيَالَ بِالسُّوسِ إذْ فَتَحَهَا وَمَعَهُ مَالٌ إلَى جَنْبِهِ ، كَانُوا يَسْتَقْرِضُونَ مِنْهُ مَا احْتَاجُوا إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ الْأَجَلُ وَلَمْ يَرُدَّهُ الْمُسْتَقْرِضُ بَرِصَ فَكَتَبَ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بِذَلِكَ . فَكَتَبَ إلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ : كَفِّنْهُ ، وَحَنِّطْهُ ، وَصَلِّ عَلَيْهِ ، وَادْفِنْهُ كَمَا دُفِنَتْ الْأَنْبِيَاءُ وَاجْعَلْ الْمَالَ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذَا صَحِيحٌ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رِكَازًا ، إنَّمَا كَانَ مَعْلُومًا ظَاهِرًا ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ فَيُخَمَّسَ وَيُغْنَمَ ; بَلْ كَانَ مَالَ نَبِيٍّ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي مَصَالِحِهِمْ .
وَمِنْهَا : خَبَرٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ
سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ
جَرِيرِ بْنِ رِيَاحٍ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُمْ أَصَابُوا قَبْرًا
بِالْمَدَائِنِ ، وَفِيهِ مَيِّتٌ عَلَيْهِ ثِيَابٌ مَنْسُوجَةٌ بِالذَّهَبِ ، وَمَعَهُ مَالٌ ؟ فَكَتَبَ فِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ إلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ ؟ فَكَتَبَ إلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ أَعْطِهِمْ إيَّاهُ وَلَا تَنْزِعْهُ مِنْهُمْ - وَهَذَا قَوْلُنَا لَا قَوْلُهُمْ ، إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ خُمُسٍ ; وَلَا بُدَّ مِنْ الْخُمُسِ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ .
وَخَبَرٌ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17249هُشَيْمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16878مُجَالِدٍ عَنْ
الشَّعْبِيِّ : أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ أَلْفَ دِينَارٍ مَدْفُونَةً خَارِجَ
الْمَدِينَةِ ، فَأَتَى بِهَا
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ ، فَأَخَذَ خُمُسَهَا مِائَتَيْ دِينَارٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْبَاقِيَ ; ثُمَّ جَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ يَقْسِمُ الْمِائَتَيْنِ بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَى أَنْ فَضَلَ مِنْهَا فَضْلَةٌ فَدَفَعَهَا إلَى وَاجِدِهَا - وَهَذَا قَوْلُنَا ، إلَّا فِي صِفَةِ قِسْمَتِهِ الْخُمُسَ .
وَمِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16709عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدًا وَجَدَ رِكْزَةً عَلَى عَهْدِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ فَأَعْتَقَهُ مِنْهَا ، وَأَعْطَاهُ مِنْهَا ، وَجَعَلَ سَائِرَهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ - وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا ، وَسَوَاءٌ عِنْدَنَا وَجَدَ الرِّكَازَ حُرٌّ ، أَوْ عَبْدٌ ، الْحُكْمُ [ عِنْدَنَا ] وَاحِدٌ عَلَى مَا قَدَّمْنَا .
[ ص: 388 ]
وَرُوِّينَا خَبَرَيْنِ : أَحَدُهُمَا - مِنْ طَرِيقِ
الزَّمْعِيِّ عَنْ عَمَّتِهِ
قُرَيْبَةَ بِنْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أُمِّهَا
كَرِيمَةَ بِنْتِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10960ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49859أَنَّ الْمِقْدَادَ خَرَجَ إلَى حَاجَتِهِ بِبَقِيعِ الْخَبْخَبَةِ فَإِذَا جُرَذٌ يُخْرِجُ مِنْ جُحْرٍ دِينَارًا بَعْدَ دِينَارٍ ، ثُمَّ أَخْرَجَ خِرْقَةً حَمْرَاءَ فَكَانَتْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَأَخَذَهَا وَحَمَلَهَا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَلْ أَهْوَيْتَ الْجُحْرَ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا } وَهَذَا خَبَرٌ لَيْسَ مُوَافِقًا لِقَوْلِ أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرنَا وَإِسْنَادُهُ مُظْلِمٌ ،
الزَّمْعِيُّ عَنْ عَمَّتِهِ
قَرِيبَةَ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ ; وَلَعَلَّ تِلْكَ الدَّنَانِيرَ مِنْ دَفْنِ مُسْلِمٍ مَجْهُولٍ مَيْئُوسٍ عَنْ مَعْرِفَتِهِ فَهِيَ لِمَنْ وَجَدَهَا عِنْدَنَا كُلَّهَا .
وَخَبَرٌ آخَرُ : مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=17336يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ عَنْ
وَهْبِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16903مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ
يَحْيَى بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49860عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُرُوجِهِ إلَى الطَّائِفِ فَمَرُّوا بِقَبْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا قَبْرُ أَبِي رِغَالٍ وَكَانَ بِهَذَا الْحَرَمِ يَدْفَعُ عَنْهُ ، فَلَمَّا خَرَجَ أَصَابَتْهُ النِّقْمَةُ الَّتِي أَصَابَتْ قَوْمَهُ بِهَذَا الْمَكَانِ فَدُفِنَ فِيهِ ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ غُصْنٌ مِنْ ذَهَبٍ إنْ أَنْتُمْ نَبَشْتُمْ عَنْهُ وَجَدْتُمُوهُ ، فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ فَوَجَدُوا الْغُصْنَ } وَهَذَا لَا يَصِحُّ ، لِأَنَّهُ عَنْ
يَحْيَى بْنِ أَبِي بُجَيْرٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ ; ثُمَّ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِقَوْلِ أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرنَا ; وَإِنَّمَا فِيهِ نَبْشُ قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .