975 - مسألة :
ولا تجزي في الأضاحي جذعة ولا جذع أصلا لا من الضأن ولا من غير الضأن - ويجزي ما فوق الجذع ، وما دون الجذع ، والجذع من الضأن ، والماعز ، والظباء ، والبقر : هو ما أتم عاما كاملا ودخل في الثاني من أعوامه ، فلا يزال جذعا حتى يتم عامين ويدخل في الثالث فيكون ثنيا حينئذ .
هكذا قال في الضأن والماعز ، الكسائي ، والأصمعي وأبو عبيد ، وهؤلاء عدول أهل العلم في اللغة ، وقاله وهو ثقة في دينه وعلمه . ابن قتيبة
وقاله العدبس الكلابي ، وأبو فقعس الأسدي ، وهما ثقتان في اللغة . [ ص: 14 ]
وقال ذلك في البقر والظباء أبو فقعس ، ولا نعلم له مخالفا من أهل العلم باللغة .
والجذع من الإبل ما أكمل أربع سنين ودخل في الخامسة ، فهو جذع إلى أن يدخل السادسة فيكون ثنيا - هذا ما لا خلاف فيه .
روينا من طريق نا وكيع عن سفيان الثوري عن أبي إسحاق السبيعي هبيرة بن يريم عن قال : إذا اشتريت أضحية فاستسمن فإن أكلت أكلت طيبا ، وإن أطعمت أطعمت طيبا ، واشتر ثنيا فصاعدا . علي بن أبي طالب
ومن طريق نا عبد الرزاق عن معمر نا أبي إسحاق السبيعي هبيرة بن يريم قال : قال : ضحوا بثني فصاعدا ، وسليم العين والأذن . علي بن أبي طالب
ومن طريق نا عبد الرزاق عن سفيان الثوري سمعت جبلة بن سحيم يقول : ضحوا بثني فصاعدا ، ولا تضحوا بأعور . ابن عمر
ومن طريق نا عبد الرزاق عن مالك عن نافع قال : لا تجزي إلا الثنية فصاعدا . ابن عمر
ومن طريق أنا سعيد بن منصور أنا هشيم قال : رأيت حصين هو ابن عبد الرحمن هلال بن يساف يضحي بجذع من الضأن فقلت : أتفعل هذا ؟ فقال : رأيت يضحي بجذع من الضأن . أبا هريرة
فهذا حصين قد أنكر . الجذع من الضأن في الأضحية
ومن طريق نا ابن أبي شيبة ابن علية عن عن يونس بن عبيد الحسن البصري قال : . يجزي ما دون الجذع من الإبل عن واحد في الأضحية
ومن طريق نا أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان الثوري أبي معاذ عن [ ص: 15 ] الحسن قال : والحوار هو ولد الناقة ساعة تلده . يجزي الحوار عن واحد يعني الأضحية
وبرهان صحة قولنا هذا ما رويناه من طريق نا مسلم يحيى بن يحيى أنا عن هشيم عن داود بن أبي هند الشعبي عن فذكر الحديث وفيه { البراء بن عازب قال : يا رسول الله إن عندي عناق لبن ، وهي خير من شاتي لحم قال : هي خير نسيكتيك ولا تجزي جذعة عن أحد بعدك أبا بردة } . أن خاله
ومن طريق عن شعبة زبيد بن الحارث اليامي عن الشعبي عن : { البراء قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : عندي جذعة خير من مسنتين قال : اذبحها ولن تجزي عن أحد بعدك أبا بردة } . [ ص: 16 ] أن
وهكذا رويناه من طريق عاصم الأحول عن الشعبي أن حدثه بذلك . البراء
ومن طريق أبي عوانة عن فراس عن الشعبي عن أيضا . البراء
ومن طريق عن شعبة عن سلمة بن كهيل أبي جحيفة عن فقطع عليه السلام أن لا تجزي جذعة عن أحد بعد البراء بن عازب ، فلا يحل لأحد تخصيص نوع دون نوع بذلك ; ولو أن ما دون الجذعة لا يجزي لبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم المأمور بالبيان من ربه تعالى : { أبي بردة وما كان ربك نسيا } . وبالله تعالى التوفيق .
فإن اعترض بعض المتعسفين فقال : إن حديث هذا قد رواه أبي بردة عن منصور بن المعتمر الشعبي عن فقال فيه { البراء } ؟ . قلنا : نعم ، والعناق اسم يقع على الضانية كما يقع على الماعزة ولا فرق . إن عندي عناقا جذعة فهل تجزي عني ؟ قال : نعم ، ولن تجزي عن أحد بعدك
وقال العدبس الكلابي ، وأبو فقعس الأسدي ، وكلاهما مما نقل الأئمة عنهما اللغة : الجفر ، والعناق ، والجدي ، من أولاد الماعز إذا بلغ أربعة أشهر ، وكذلك من أولاد الضأن .
فإن قالوا : فإن رواه عن مطرف بن طريف الشعبي عن فذكر فيه { البراء قال : يا رسول الله إن عندي داجنا جذعة من المعز ، قال : اذبحها ولا تصلح لغيرك أبا بردة } . قلنا : نعم ، ولا خلاف في أن هذا كله خبر واحد عن قصة واحدة في موطن واحد ، فرواية من روى عن أن قول النبي صلى الله عليه وسلم : { البراء } هي [ ص: 17 ] الزائدة ما لم يروه من لم يرو هذه اللفظة ، وزيادة العدل خبر قائم بنفسه وحكم وارد لا يسع أحدا تركه . [ ص: 18 ] لا تجزي جذعة عن أحد بعدك
وإنما يحتج برواية هذا من لم يمنع من الجذع إلا من الماعز فقط ، وأما من منع من الجذاع كلها مما عدا الضأن فلا حجة له في شيء من هذا الخبر ، بل هو حجة عليه - وبالله تعالى التوفيق . [ ص: 19 ] مطرف
كما أن هذا الخبر نفسه قد رواه زكريا عن فراس عن الشعبي عن : { البراء قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن عندي شاة خير من شاتين ؟ قال : ضح بها فإنها خير نسيكة أبا بردة } ولم يذكر أنها { أن } . لا تجزي عن أحد بعدك
وكذلك روايتنا من طريق عن سفيان بن عيينة عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين فذكر هذا الخبر نفسه وأن ذلك القائل قال { أنس بن مالك } . يا رسول الله عندي جذعة هي أحب إلي من شاتي لحم أفأذبحها ؟ فرخص له
قال : فلا أدري أبلغت رخصة من سواه أم لا ؟ فلم يجعل المخالفون سكوت أنس زكريا عما زاده غيره من بيان أنه خصوص ، ولا سكوت عن ذلك أيضا - ومغيب ذلك عنه حجة في رد الزيادة التي ذكرها غيرهما فما الذي جعل هذه الزيادة واجبا أخذها ، وزيادة من زاد لفظة " الجذعة " لا يجب أخذها ؟ إن هذا لتحكم في الدين بالباطل ، ونعوذ بالله من هذا . أنس
قال : وقد جاء خبر يمكن أن يشغب به ، وهو ما رويناه من طريق أبو محمد مسلم نصر بن علي الجهضمي نا نا يزيد بن زريع عن عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن أبيه قال { عبد الرحمن بن أبي بكرة } . لما كان ذلك اليوم قعد النبي صلى الله عليه وسلم على بعيره وقال : أتدرون أي يوم هذا ؟ وذكر الحديث وفيه أنه عليه السلام قال : أليس بيوم النحر ؟ قالوا : بلى ثم ذكر الحديث وفيه ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما وإلى جذيعة من الغنم فقسمها بيننا
قال : ليس فيه أنه أعطاهم إياها ليضحوا بها ، ولا أنهم ضحوا بها وإنما فيه أنه عليه السلام قسمها بينهم ، والكذب لا يحل . علي