قال : وسئل رحمه الله عن أبو حنيفة وجاء إلى امرأة قالت لزوجها : اخلعني فقال : أنت طالق ثلاثا إن سألتني الخلع إن لم أخلعك فقالت المرأة : جاريتي حرة إن لم أسألك قبل الليل رحمه الله قال أبي حنيفة رحمه الله : سليه الخلع فقالت لزوجها : أسألك أن تخلعني فقال أبو حنيفة رحمه الله لزوجها : قل قد خلعتك على ألف درهم تعطيها لي فقال لها الزوج ذلك فقال أبو حنيفة رحمه الله لها قولي لا أقبله فقالت ، فقال أبو حنيفة رحمه الله قوما ، فقد بر كل واحد منكما في يمينه ; لأن شرط برها في اليمين أن تسأله الخلع ، وقد سألته وشرط بر الزوج أن يخلعها بعد سؤالها ، وقد فعل ، فإنما عقد يمينه على فعل نفسه خاصة ، وقد وجد ذلك منه فلم يقع عليها شيء حين ردت الخلع وهذه المسألة تصير رواية فيما إذا أبو حنيفة أنه لا يقع الفرقة ما لم تقل المرأة قبلت بخلاف ما إذا قالت : اخلعني على كذا فقال : قد فعلت ، فإنه لا تقع الفرقة ; لأنها إذا لم تذكر البدل كان كلامها سؤالا للخلع لا أحد شطري العقد إلا أن في النكاح لا فرق بين أن يذكر البدل وبين أن لا [ ص: 243 ] يذكر ، فإن وجوب المهر يستغني عن التسمية هناك ، ولا يعتمد الرضى ووجوب البدل في الخلع لا يكون إلا باعتبار التسمية وباعتبار تمام الرضا ، فلهذا فرقنا بين ما إذا ذكر البدل وبين ما إذا لم يذكره وذكر قالت المرأة لزوجها : اخلعني فقال الزوج خلعتك على كذا الخصاف رحمه الله في كتاب الحيل نظير هذه الحكاية فقال : إن بعض من كان يتأذى منه رحمه الله جرى بينه وبين زوجته كلام فامتنعت من جوابه فقال أبو حنيفة فطاف على العلماء رحمهم الله في الليل فلم يجد عندهم في ذلك حيلة فجاء إلى : إن لم تكلميني الليلة فأنت طالق فسكتت وامتنعت من كلامه فخاف أن يقع الطلاق إذا طلع الفجر رحمه الله وذكر له ذلك فقال : هل أتيت أستاذك فجعل يعتذر إليه ويقول لا فرج لي إلا من قبلك فذكر أنه قال له : اذهب فقل للذين حولها من أقاربها ادعوها فماذا أصنع بكلامها ، فإنها أهون علي من التراب وأسمعها من هذا بما تقدر فجاء وقال ذلك حتى ضجرت وقالت بل أنت كذا وكذا فصارت مكلمة له قبل طلوع الفجر وخرج من يمينه وهذه الحكاية أوردها في مناقب أبي حنيفة رحمه الله وقال إنه قال للرجل ارجع إلى بيتك حتى آتيك فأتشفع لك فرجع الرجل إلى بيته وجاء أبي حنيفة رحمه الله في أثره فصعد مئذنة محلته وأذن فظنت المرأة أن الفجر قد طلع فقالت : الحمد لله الذي نجاني منك فجاء أبو حنيفة رحمه الله إلى الباب وقال قد برت يمينك وأنا الذي أذنت أذان أبو حنيفة رضي الله عنه في نصف الليل بلال