قال ( وإن أفسده عندنا ) ، وقال وقع فيه دم ، أو خمر ، أو عذرة ، أو بول رحمه الله لا يفسده إلا أن يتغير به أحد أوصافه من لون ، أو ريح ، أو طعم ، واحتج بما روي { مالك } . أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ من بئر ، وهي بضاعة ، وهي بئر يلقى فيه الجيف ، ومحايض النساء فلما ذكر له ذلك قال خلق الماء طهورا لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه ، أو طعمه ، أو ريحه
( ولنا ) قوله عليه الصلاة والسلام { } فلو لم يكن ذلك مفسدا للماء ما كان للنهي عنه معنى ، وفائدة ، وفيه طريقتان إحداهما أن الماء ينجس بوقوع النجاسة فيه ; لأن صفة الماء تتغير بما يلقى فيه حتى يضاف إليه كماء الزعفران ، وماء الباقلا ، والثانية أن الماء لا ينجس ، ولكن يتعذر استعماله لمجاورة الفاسد ; لأن النجاسة تتفرق في أجزاء الماء فلا يمكن استعمال جزء من الماء إلا باستعمال جزء من النجاسة لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ، ولا يغتسلن فيه من الجنابة حرام ، وأما الحديث فقد قيل : إن ، واستعمال النجاسة بئر بضاعة كان ماؤه جاريا يسقى منه خمس بساتين ، وعندنا الماء الجاري لا يتنجس بوقوع النجاسة فيه ما لم يتغير أحد أوصافه .
وقيل إنما كان يلقى فيه الجيف في الجاهلية فإن في الإسلام نهوا عن مثل هذا ، وكان برسول الله صلى الله عليه وسلم من التنزه ، والتقذر ما يمنعه من التوضؤ ، والشرب من بئر يلقى فيه ذلك في وقته ، وإنما أشكل عليهم أن ما كان في الجاهلية هل يسقط اعتباره بتطهير البئر في الإسلام فأزال إشكالهم بما قال .