( قال ) : وإن أفطر يوم النحر ويوم الفطر وأيام التشريق ; لأن الصوم في هذا الأيام منهي عنه شرعا ، وإلى العبد ولاية الإيجاب بنذره لا رفع المنهي ثم عليه قضاء هذه الأيام عندنا . وقال نذر صوم سنة بعينها رحمه الله تعالى ليس عليه القضاء ، وهو قول زفر رحمه الله تعالى وأصل المسألة إذا الشافعي ، أو قال لله علي أن أصوم غدا وغدا يوم النحر صح نذره في الوجهين ويؤمر بأن يصوم يوما آخر فإن صام في ذلك اليوم خرج من موجب نذره وعند قال لله علي أن أصوم يوم النحر زفر رحمهما الله تعالى لا يصح نذره ، وهو رواية والشافعي عن ابن المبارك رحمهما الله تعالى وروى أبي حنيفة الحسن عن أنه إذا قال : لله علي صوم يوم النحر لم يصح نذره ، وإن قال : غدا وغدا يوم النحر صح نذره وجه قولهما أن الصوم غير مشروع في هذه الأيام ، وليس إلى العبد شرع ما ليس بمشروع كالصوم ليلا [ ص: 96 ] وبيانه أن الشرع عين هذا الزمان للأكل بقوله عليه السلام { أبي حنيفة } وتعينه لأحد الضدين ينفي الضد الآخر فيه ، والدليل على أنه لا يصح لأداء شيء من الواجبات أن الصوم اسم لما هو قربة والمنهي عنه يكون معصية فلا يكون صوما . فإنها أيام أكل وشرب
( ولنا ) أن الصوم مشروع في هذه الأيام فإن { النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم هذه الأيام } وموجب النهي الانتهاء والانتهاء عما ليس بمشروع لا يتحقق ; ولأن موجب النهي الانتهاء على وجه يكون للعبد فيه اختيار بين أن ينتهي فيثاب عليه وبين أن يقدم على الارتكاب فيعاقب عليه وذلك لا يتحقق إذا لم يبق الصوم مشروعا فيه وموجب النهي غير موجب النسخ فإذا كان موجب النسخ رفع المشروع عرفنا أنه ليس موجب النهي رفع المشروع والمعنى الذي لأجله كان الصوم مشروعا في سائر الأيام كون الإمساك فيها بخلاف العادة ، وهذا المعنى في هذه الأيام أظهر والشرع أمر بالفطر فيه لا أنه جعله مفطرا فيه بخلاف الليل فقد جعله مفطرا بدخول الليل بقوله فقد أفطر الصائم أكل ، أو لم يأكل والنهي يجعل الأداء من العبد فاسدا ولهذا لا يصلح لأداء شيء من الواجبات به ولكن صفة الفساد لا تمنع بقاء أصله شرعا كمن أفسد إحرامه نفي عقد الإحرام ، وعليه أداء الأفعال شرعا ، وإذا ثبت أن الصوم مشروع في هذا اليوم فقد حصل نذره مضافا إلى محله فيصح وليس في النذر ارتكاب المنهي إنما ذلك في أداء الصوم ، ولهذا أمرناه بأن يصوم يوما آخر كي لا يكون مرتكبا للنهي ، ولو صام في هذه الأيام خرج عن موجب نذره ; لأنه ما التزم إلا هذا القدر وقد أدى كمن خرج عن موجب نذره بإعتاقها ; لأنه ما التزم إلا هذا القدر ، وقد أدى بإعتاقها ، وإن كان لا يتأدى شيء من الواجبات بها ، وكمن قال : لله علي أن أعتق هذه الرقبة وهي عمياء فعليه أن يصلي في وقت آخر فإذا صلى في ذلك الوقت خرج عن موجب نذره وجه رواية نذر أن يصلي عند طلوع الشمس أنه إذا نص على يوم النحر فقد صرح في نذره بما هو منهي عنه فلم يصح ، وإذا قال : غدا لم يصرح في نذره بما هو منهي عنه فصح نذره ، وهو الحسن لم يصح نذرها ، ولو كالمرأة إذا قالت : لله علي أن أصوم يوم حيضي صح نذرها . قالت : غدا وغدا يوم حيضها
إذا عرفنا هذا فنقول : إذا نذر صوم سنة بعينها فعليه قضاء خمسة أيام إذا أفطر فيها يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق ، وإن التزم سنة بغير عينها فعليه قضاء خمسة وثلاثين يوما ; لأن صوم رمضان لا يكون عن المنذور ، ولو قال : سنة متتابعة فعليه أن يصل هذا القضاء بالأداء وكان محمد بن سلمة رحمه الله تعالى يقول : في هذا الفصل لا يفطر [ ص: 97 ] في الأيام الخمسة ; لأن هذا القدر من التتابع في وسعه ، والأول أصح ، وهو مروي عن رحمه الله تعالى وكذلك أبي يوسف قضت أيام الحيض لما بينا المرأة إن نذرت صوم سنة بعينها