( قال ) ومن وقف بعرفة  بعد الزوال ثم أفاض من ساعته أو أفاض قبل غروب الشمس أو صلى بها الصلاتين ، ولم يقف أو أفاض  أجزأه عندنا ، وعلى قول  مالك  رحمه الله تعالى لا يجزئه إلا أن يقف في اليوم وجزء من الليل ، وذلك بأن تكون إفاضته بعد غروب الشمس ، واستدل بقوله صلى الله عليه وسلم { من أدرك عرفة  بليل فقد أدرك الحج ، ومن فاته عرفة  بليل فقد فاته الحج   } ، ولكنا نقول : هذه الزيادة غير مشهورة ، وإنما المشهور رواه في الكتاب ، ومن فاته عرفة  فقد فاته الحج ، وفيما روينا ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم { ساعة من ليل أو  [ ص: 56 ] نهار   } دليل على أن بنفس الوقوف في وقته يصير مدركا للحج ، وإن لم يستدم الوقوف إلى وقت غروب الشمس ثم يجب عليه الدم إذا أفاض قبل غروب الشمس ; لأن نفس الوقوف ركن ، واستدامته إلى غروب الشمس واجبة لما فيها من إظهار مخالفة المشركين فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به ، وترك الواجب يوجب الجبر بالدم . فإن رجع ووقف بها بعدما غابت الشمس لم يسقط الدم إلا في رواية ابن الشجاع  عن  أبي حنيفة  رحمهما الله تعالى فإنه يقول : يسقط عنه الدم قال ; لأنه استدرك ما فاته ، وأتى بما عليه ; لأن الواجب عليه الإفاضة بعد غروب الشمس ، وقد أتى به فيسقط عنه الدم كمن جاوز الميقات حلالا ثم عاد إلى الميقات وأحرم ، وفي ظاهر الرواية لا يسقط عنه الدم ; لأن الواجب على من وصل إلى عرفات  بعد الزوال  استدامة الوقوف إلى غروب الشمس ، ولم يتدارك ذلك بالانصراف بعد الشمس فلا يسقط عنه الدم ، وإن عاد قبل غروب الشمس حتى أفاض مع الإمام فذكر  الكرخي  في مختصره أن الدم يسقط عنه ; لأن الواجب عليه الإفاضة مع الإمام بعد غروب الشمس ، وقد تدارك ذلك في وقته . 
ومن أصحابنا من يقول لا يسقط الدم هنا أيضا ; لأن استدامة الوقوف قد انقطعت بذهابه فبرجوعه لا يصير وقوفه مستداما بل ما فات منه لا يمكنه تداركه فلا يسقط عنه الدم 
				
						
						
