قال : وبلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { البكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها والثيب تشاور } ، ومعنى قوله تستأمر في نفسها أي في أمر نفسها في النكاح فهو دليل على أنه ليس لأحد من الأولياء أن يزوجها من غير استئمارها أبا كان أو غيره ، ويل : معناه تستأمر خالية لا في ملأ من الناس لكي لا يمنعها الحياء من الرد إذا كانت كارهة ، ولا تذهب حشمة الولي عنه بردها قوله { } ، وفي بعض الروايات { وإذنها صماتها } ، وذلك على أن رضاها شرط وأن السكوت منها دليل على رضا فيكتفى به شرعا لما روي أن سكوتها رضاها رضي الله عنها { عائشة } ، ومعنى هذا أنها تستحي من إظهار الرغبة في الرجال ، وإذا استؤمرت فلها جوابان نعم أو لا ، وسكوتها دليل على الجواب الذي يحول الحياء بينها وبين ذلك الجواب ، وهو الرضا دون الإباء إذ ليس في الإباء إظهار الرغبة في الرجال ، وقد يكون السكوت دليل الرضا كسكوت الشفيع بعد العلم بالبيع وسكوت المولى عند رؤيته تصرف العبد عن الحجر عليه ، وقوله { قالت يا رسول الله : إنها تستحي فتسكت ، فقال صلى الله عليه وسلم سكوتها رضاها } دليل على أنه لا يكتفى بسكوت الثيب فإن [ ص: 197 ] المشاورة على ميزان المفاعلة ، ولا يحصل ذلك إلا بالنطق من الجانبين وبظاهره يستدل والثيب تشاور رحمه الله تعالى على أن الثيب الصغيرة لا يزوجها أحد حتى تبلغ فتشاور ، ولكنا نقول هذا اللفظ يتناول ثيبا تكون من أهل المشاورة والصغيرة ليست بأهل المشاورة فلا يتناولها الحديث . الشافعي
( قال ) : وبلغنا عن رحمه الله تعالى قال : البكر تستأمر في نفسها فلعل بها داء لا يعلمه غيرها قبل معنى هذا لعلها رتقاء أو قرناء ، وذلك في باطنها لا يعلمه غيرها فإذا زوجت من غير استئمارها لا يحصل المقصود بالنكاح وينتهك سترها ، وقيل : معناه لا تشتهي صحبة الرجال لمعنى في باطنها من غلبة الرطوبة أو نحو ذلك فإذا زوجت بغير استئمارها لا تحسن العشرة مع زوجها أو لعل قلبها مع غير هذا الذي تزوج منه فإذا زوجت بغير استئمارها لم تحسن صحبة هذا الزوج ووقعت في الفتنة لكون قلبها مع غيره وأي داء أدوى من العشق إبراهيم