فالحاصل أن في أربعة فصول : ( أحدها ) ما بينا . الفرق بين خيار البلوغ وخيار العتق
( والثاني ) خيار المعتقة لا يبطل بالسكوت بل يمتد إلى آخر المجلس كخيار المخيرة ، وخيار البلوغ في جانبها يبطل بالسكوت ; لأن المعتقة إنما يثبت لها الخيار بتخيير الشرع حيث قال صلى الله عليه وسلم { } فيكون بمنزلة الثابت بتخيير الزوج ، فأما هنا الخيار يثبت للبكر لانعدام تمام الرضا منها ورضاء البكر يتم بسكوتها شرعا . ملكت بضعك فاختاري
ألا ترى أنها لو زوجت بعد البلوغ فسكتت كان سكوتها رضا ، فكذلك إذا زوجت قبل البلوغ ولهذا قلنا لو بلغت ثيبا لا يبطل خيارها بالسكوت كما لو زوجت بعد البلوغ ، وكذلك الغلام لا يبطل خياره بالسكوت ; لأن السكوت في حقه لم يجعل رضا كما لو زوج بعد البلوغ . ( والثالث ) أن خيار العتق يثبت للأمة دون الغلام وخيار البلوغ يثبت لهما جميعا ; لأن ثبوت خيار العتق باعتبار زيادة الملك ، وذلك في عتق الأمة دون [ ص: 217 ] الغلام وثبوت خيار البلوغ لنقصان شفقة الولي ، وذلك موجود في حق الغلام والجارية ، ولأن في تزويج الغلام المولى ينظر له لا لنفسه ، وفي تزويج الأمة ينظر لنفسه باكتساب المهر وإسقاط النفقة عن نفسه فلهذا اختلفا في حكم الخيار وهنا لا يختلف معنى نظر الولي بالغلام والجارية فلهذا يثبت الخيار في الموضعين جميعا ، ولا يقال بأن الغلام هنا يتمكن من التخلص بالطلاق كما في المعتق ; لأنه لا يتمكن من التخلص عن المهر بالطلاق ، ولم يكن متمكنا من التخلص عند العقد بخلاف العبد فإنه كان عند العقد متمكنا من التخلص بالطلاق ووجوب المهر يومئذ كان في مالية المولى وباعتباره ملك المولى إجباره على النكاح ، فلهذا فرقنا بينهما .
( والرابع ) أن لا يسقط خيارها حتى تعلم به والتي بلغت إذا لم تعلم بالخيار وعلمت بالنكاح فسكتت سقط خيارها ; لأن سبب الخيار في العتق ، وهو زيادة الملك حكم لا يعلمه إلا الخواص من الناس فتعذر بالجهل ، وقد كانت مشغولة بخدمة المولى فعذرناها لذلك أما خيار البلوغ فظاهر يعرفه كل واحد ولظهوره ظن بعض الناس أنه يثبت في إنكاح الأب أيضا فلهذا لا تعذر بالجهل ، ولأنها ما كانت مشغولة بشيء قبل البلوغ فكان سبيلها أن تتعلم ما تحتاج إليه بعد البلوغ فلهذا لا تعذر بالجهل المعتقة إذا علمت بالعتق ، ولم تعلم أن لها الخيار