( قال ) : وإذا فهو سواء ; لأن الرسالة تبليغ عبارة المرسل إلى المرسل إليه ولكل واحد من هؤلاء عبارة مفهومة فيصلح أن يكون رسولا ألا ترى أن أرسل إلى المرأة رسولا حرا أو عبدا صغيرا أو كبيرا سليمان عليه السلام جعل الهدهد رسولا في تبليغ كتابه إلى فالآدمي المميز أولى أن يصلح لذلك فإذا بلغ الرسالة فقال : إن فلانا سألك أن تزوجيه نفسك فأشهدت أنها قد تزوجته كان ذلك جائزا إذا أقر الزوج بالرسالة أو أقامت عليه البينة ; لأن الرسول بلغها رسالة المرسل فكأنه حضر بنفسه وعبر عن نفسه بين يدي الشهود ، وقد سمع الشهود كلامها أيضا فكان نكاحا بسماعهما كلام المتعاقدين ، وإذا أنكر الرسالة ولم تقم عليه البينة لها فالقول قوله ، ولا نكاح بينهما ; لأن الرسالة لما لم تثبت كان المخاطب فضوليا ولم يرض الزوج بما صنع فلا نكاح بينهما فإن كان الرسول قد خطبها وضمن لها المهر وزوجها إياه وقال قد أمرني بذلك فالنكاح لازم ; للزوج إن أقر أو قامت عليه البينة بالأمر والضمان لازم ; للرسول إن كان من أهل الضمان ; لأنه جعل نفسه زعيما بالمهر والزعيم غارم ، وإن بلقيس فلا نكاح بينهما ; لما قلنا وللمرأة على الرسول نصف الصداق من قبل أنه مقر بأنه قد أمره ، وأن النكاح جائز ، وأن الضمان قد لزمه ، وإقراره على نفسه صحيح وذكر في كتاب الوكالة : أن على الرسول جميع المهر بحكم الضمان فقيل : ما ذكر هنا قول جحد الزوج ولم يكن عليه بينة بالأمر رحمه الله تعالى وقول أبي حنيفة الأول ، وما ذكر هناك قول أبي يوسف الآخر ، وهو قول أبي يوسف رحمه الله بناء على أن قضاء القاضي ينفذ ظاهرا وباطنا في قول محمد الأول فنفذ قضاؤه بالفرقة هنا قبل الدخول وسقط نصف الصداق عن الزوج فيسقط عن الكفيل أيضا ، وعلى قول أبي يوسف الآخر ، وهو قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا ينفذ قضاؤه باطنا فيبقى جميع المهر واجبا على الزوج ، ويكون الكفيل مطالبا به ; لإقراره وقيل : بل فيه روايتان . محمد
وجه تلك الرواية أن الزوج منكر لأصل النكاح ، وإنكاره أصل النكاح لا يكون طلاقا فلا يسقط به شيء من الصداق بزعم الكفيل ، ووجه هذه الرواية : أنه أنكر وجوب الصداق عليه ، وهو مالك لإسقاط نصف الصداق عن نفسه بسبب يكسبه فيجعل مسقطا فيما يمكنه إسقاطه ، ومن ضرورة سقوط نصف [ ص: 21 ] الصداق عن الأصيل سقوطه عن الكفيل فلهذا كان الكفيل ضامنا لنصف الصداق .