( قال : ) والأثواب الهروية وغيرها من أجناس الثياب كذلك ، وهذه المسألة على ثلاثة أوجه : أحدها : أن يتزوجها على ثوب هروي بعينه فلها ذلك الثوب إن كان هرويا ، وإن لم يكن هرويا ، وعلى قول رحمه الله تعالى : لها قيمة ثوب هروي وسط ، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى : لها الخيار إن شاءت أخذت الثوب بعينه ، وإن شاءت طالبت الزوج بقيمة ثوب هروي وسط ; لأن العقد أضيف إلى عين ذلك الثوب ، ولكنها وجدته على خلاف شرطها فلها الخيار كما لو وجدته معيبا ، ولكنا نقول : المشار إليه ليس من جنس المسمى فيتعلق العقد بالمسمى دون المشار إليه ، وهو أصل معروف نقرره في موضعه إن شاء الله [ ص: 80 ] تعالى زفر فإن أتاها بالثوب أجبرت على القبول ، وإن أتاها بالقيمة أجبرت أيضا بمنزلة العبد المطلق ; لأن الثوب الذي هو غير موصوف لا تثبت عينه في الذمة ثبوتا صحيحا ، ولو تزوجها على ثوب هروي بغير عينه ، ولم يبين الصفة يقول : الثوب يثبت في الذمة موصوفا ثبوتا صحيحا ، وإنما صحت هذه التسمية باعتبار المالية ، والثوب في ذلك وقيمته سواء ، وإن بين صفة هذا الثوب فعلى قول وزفر رحمه الله تعالى : تجبر على قبول القيمة إذا أتاها بها ، وعلى قول زفر رحمه الله تعالى : إن ذكر الأجل مع ذلك لم تجبر على قبول القيمة ، وإن لم يذكر الأجل أجبرت عليه ; لأن الثياب لا تثبت في الذمة ثبوتا صحيحا إلا مؤجلا ، ألا ترى أنه لا يجوز استقراضها ، ويجوز السلم فيها ; لأن القرض لا يكون إلا حالا ، والسلم لا يكون إلا مؤجلا فعند ذكر الأجل يثبت الثوب دينا ثبوتا صحيحا ، فلا تجبر على قبول القيمة ، وعند عدم ذكر الأجل لا يثبت ثبوتا صحيحا ; لأن بالمبالغة في ذكر وصفه يلتحق بذوات الأمثال ، ولهذا يجوز السلم فيه . أبي يوسف
واشتراط الأجل هناك من حكم السلم لا من حكم ثبوت الثياب دينا في الذمة فيستوي في هذا إن ذكر الأجل ، أو لم يذكر ، ولكنا نقول : لو باع عبدا بثياب موصوفة في الذمة لا يجوز إلا مؤجلا ، وإن لم يكن العقد سلما فعرفنا أن الثياب لا تثبت دينا ثبوتا صحيحا إلا مؤجلا .