( قال : ) وإذا حرمت عليه ; لأن المحرمية تمنع النكاح بعلة المنافاة ، فإن بين الحل والحرمة في المحل منافاة والمنافي كما يؤثر إذا اقترن بالنسب ينافي البقاء إذا طرأ عليه ، فإذا حرمت عليه لزمه بذلك نصف المهر لها ; لأن الفرقة قبل الدخول حصلت لا بمعنى من جهتها أو حصلت بمعنى من جهة الزوج وهي المحرمية ، فيجب نصف الصداق لها ويرجع بذلك على التي أرضعتها إن كانت أرادت الفساد أو عمدت ذلك ، وإن كانت أخطأت أو أرادت الخير بأن خافت على الرضيع الهلاك من الجوع لم يرجع به عليها ، والقول فيه قولها إن لم يظهر منها تعمد الفساد ; لأنه شيء في باطنها لا يقف عليه غيرها ، فلا بد من قبول قولها فيه ، وإنما يختلف الجواب في نيتها إذا أرادت الفساد أو لم ترد ; لأنها مسببة لهذه الفرقة لا مباشرة ، فإنها مباشرة للإرضاع وهو ليس بسبب موضوع للفرقة ، والمسبب إذا كان متعديا في تسببه يكون ضامنا ، وإن لم يكن متعديا لا يضمن كحافر البئر في ملك نفسه لا يضمن ما يسقط فيه ، بخلاف الحافر في ملك الغير ، فإذا أرادت الفساد كانت متعدية في السبب وإذا لم ترد الفساد لم تكن متعدية في السبب ، وقد روي عن تزوج الرجل الصبية فأرضعتها أمه من الرضاعة أو أمه التي ولدته أو أخته من نسب أو رضاع أو امرأة ابنه بلبن ابنه من نسب أو رضاع رحمه الله تعالى أنه يرجع عليها بنصف الصداق على كل حال ، فإن من أصله أن المتسبب كالمباشر ، ولهذا جعل فتح باب القفص والإصطبل وحل قيد الآبق موجبا للضمان ، وفي المباشرة المتعدي وغير المتعدي سواء فكذلك في التسبب على قوله ، وعلى قول محمد رحمه الله تعالى يرجع بمهر مثل المنكوحة ; لأنها أتلفت ملك نكاحه فيها ، وملك [ ص: 142 ] النكاح عنده مضمون بالإتلاف حتى قال في شاهدي الطلاق بعد الدخول إذا رجعا ضمنا مهر المثل ، وهذا لأن ملك البضع يتقوم عند دخوله في ملك الزوج بمهر المثل فكذلك عند خروجه عن ملكه ، ولكنا نقول : إن ملك النكاح ليس بمتقوم في نفسه ; لأنه ليس بملك عين ، ولا منفعة إنما هو ملك ضروري لا يظهر إلا في حق الاستيفاء . الشافعي
ألا ترى أنه لا يظهر في حق النقل إلى الغير والانتقال إلى الورثة فكذلك في حق التقوم بالمال ، ولأنه ليس بمال في نفسه ، فلا يكون مضمونا بالمال ; لأن ضمان الإتلاف مقدر بالمثل بالنص ، وتقوم البضع عند دخوله في ملك الزوج للضرورة ; لأنه تملك للبضع وهو محترم ، فلا يثبت إلا بعوض ، وهذه الضرورة لا توجد عند الخروج من ملكه ; لأنه إبطال للملك لا تمليك منها ، وإبطال الملك لا يستدعي التقوم ، والدليل على الفرق أن الأب يزوج ابنه الصغير بمال الصغير ، وليس له أن يخلع ابنته الصغيرة بمالها ، فإذا ثبت أنه غير متقوم عند خروجه من ملكه لم يجب الضمان عليها بإتلاف البضع ، ولكنها قررت عليه ما كان على شرف السقوط ، فإن الصداق وإن وجب بالعقد فهو بعرض السقوط ما لم يدخل بها إذا جاءت الفرقة من قبلها فهي قررت النصف عليه بما فعلته وهي متسببة في ذلك متعدية إذا تعمدت الفساد فلهذا رجع عليها بذلك .