ثم قال ( ) وهي الظهر والعصر وكان ويجهر الإمام في صلاة الجهر ويخافت في صلاة المخافتة رضي الله عنه يقول لا قراءة في هاتين الصلاتين لظاهر قوله عليه الصلاة والسلام : { ابن عباس } ، أي ليس فيها قراءة ، والدليل على فساد [ ص: 17 ] هذا القول قوله عليه الصلاة والسلام : { صلاة النهار عجماء } ، وقيل لا صلاة إلا بقراءة رضي الله تعالى عنه : { لخباب بن الأرت } ، وقال بم عرفتم قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر والعصر ؟ قال : باضطراب لحيته رضي الله عنه : { قتادة } . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمعنا الآية والآيتين في صلاة الظهر أحيانا
( وقال ) رضي الله عنه : { أبو سعيد الخدري الم تنزيل } السجدة } : { سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الظهر فظننا أنه قرأ : { } ، وكان المشركون يؤذونه ويسبون من أنزل ومن أنزل عليه فأنزل الله - تعالى - : { ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في الابتداء يجهر بالقرآن في الصلاة كلها ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا } فكان يخافت بعد ذلك في صلاة الظهر والعصر ; لأنهم كانوا مستعدين للأذى في هذين الوقتين ، ويجهر في صلاة المغرب ; لأنهم كانوا مشغولين بالأكل ، وفي صلاة العشاء والفجر ; لأنهم كانوا نياما ، ولهذا جهر في الجمعة والعيدين ; لأنه أقامها بالمدينة وما كان للكفار بها قوة الأذى ، وقد صح رجوع رضي الله عنه عن هذا القول ، فإن رجلا سأله أأقرأ خلف إمامي ؟ فقال أما في الظهر والعصر فنعم ، وتأويل قوله عجماء أي ليس فيها قراءة مسموعة ونحن نقول به . ابن عباس
وحد القراءة في هاتين الصلاتين أن يصحح الحروف بلسانه على وجه يسمع من نفسه أو يسمع منه من قرب أذنه من فيه ، فأما ما دون ذلك فيكون تفكرا ومجمجة لا قراءة ، فإن كان وحده يخافت في هاتين الصلاتين كالإمام ، فأما في صلاة الجهر فيتخير ، فإن شاء خافت ; لأن الجهر لإسماع من خلفه وليس خلفه أحد ، وإن شاء جهر ، وهو أفضل ; لأنه يكون مؤديا صلاته على هيئة الصلاة بالجماعة والمنفرد مندوب إلى هذا .
وكذلك في التهجد بالليل إن شاء خافت ، وإن شاء جهر ، وهو أفضل لما روي عن رضي الله عنها : { عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم في تهجده كان يؤنس اليقظان ولا يوقظ الوسنان } ، { بأبي بكر ، وهو يتهجد ويخفي بالقراءة وبعمر ، وهو يجهر بالقراءة ، وهو ينتقل من سورة إلى سورة فلما أصبحوا سأل كل واحد منهم عن حاله فقال وببلال أبو بكر رضي الله عنه كنت أسمع من أناجيه وقال رضي الله عنه كنت أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان وقال عمر رضي الله عنه كنت أنتقل من بستان إلى بستان فقال بلال لأبي بكر ارفع من صوتك قليلا أخفض من صوتك قليلا ولعمر إذا ابتدأت سورة فأتمها ولبلال } ، وكان ومر النبي صلى الله عليه وسلم رحمه الله يقول يتخير الإمام في التسمية بين الجهر والمخافتة وهذا مذهبه في كل ما اختلف فيه الأثر كرفع اليد عند الركوع وتكبيرات العيد ونحوها [ ص: 18 ] يستدل بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ابن أبي ليلى } ، وهذا ضعيف ، فإن آخر الفعلين يكون ناسخا لأولهما والقول بالتخيير بين الناسخ والمنسوخ عملا لا يجوز . من استجمر فليوتر من فعل هذا فقد أحسن ، ومن لا ، فلا حرج