( قال ) : وإذا فقد أخطأ السنة ، والفرقة جائزة عندنا وعلى قول التعن الرجل ثلاث مرات والتعنت المرأة ثلاث مرات ثم فرق القاضي بينهما زفر - رحمهما الله تعالى - حكمه بخلاف السنة باطل ، فلا تقع الفرقة بينهما ; لأنه حكم بخلاف النص ، فإن اللعان بالكتاب ، والسنة خمس مرات والحكم بخلاف النص باطل كما لو حكم بشهادة ثلاثة نفر في حد الزنا أو بشهادة رجل وامرأة بالمال . والشافعي
( وحجتنا ) في ذلك : أن هذا حكم في موضع الاجتهاد فيجوز وينفذ كالحكم بشهادة المحدود في القذف ونحوها وبيانه من وجهين : أحدهما - أن ما شرع مكررا من واحد فقد يقام الأكثر منه مقام [ ص: 48 ] الكل . والثاني - أن تكرار اللعان للتغليظ ومعنى التغليظ يحصل بأكثر كلمات اللعان ; لأنه جمع متفق عليه وأدنى الجمع كأعلاه في بعض المواضع ، فإذا اجتهد القاضي وأدى اجتهاده إلى هذا الحكم نفذ حكمه ، ألا ترى أنه لو فرق بينهما بعد لعان الزوج قبل لعان المرأة ينفذ حكمه لكونه مجتهدا فيه فبعد ما أتى كل واحد منهما بأكثر كلمات اللعان أولى .
ولا نسلم أن قضاءه مخالف للنص ; لأن أصل الفرقة ، ومحلها غير مذكور في النص وهذا الاجتهاد في محل الفرقة ، فإن من أبطل هذا القضاء يقول : لا تقع الفرقة وإن أتمت المرأة اللعان بعد ذلك ، ولا ينفذ حكمه وإن أتم الزوج اللعان وإنما تقع الفرقة عنده بلعان الزوج ، ولو فرق بينهما بعدما التعن كل واحد منهما مرتين لم ينفذ حكمه ; لأن بقاء أكثر اللعان كبقاء جميعه فهذا حكم في غير موضع الاجتهاد ، فإن أقل الشيء لا يقوم مقام كماله .