باب لوجوه من العتق 
( قال ) : رضي الله تعالى عنه ذكر عن  أبي قلابة    { أن رجلا أعتق عبدا له عند موته ، ولا مال  [ ص: 75 ] له غيره فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلثه ، واستسعاه في ثلثي قيمته   } ، وفي هذا دليل : أن العتق في المرض  يكون وصية وأنه ينفذ من ثلثه وأن معتق البعض يستسعى فيما بقي من قيمته ، فيكون دليلا لنا على  الشافعي  رضي الله عنه ; لأنه لا يرى السعاية على العبد بحال ، ولكنه يقول يستدام الرق فيما بقي على ما نبينه في مسألة تجزيء العتق ، وذكر عن  الحسن البصري    {   : أن رجلا أعتق ستة أعبد له عند موته فأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فأعتق اثنين ، ورد أربعة في الرق   } وبظاهر هذا الحديث يحتج  الشافعي  رحمه الله تعالى علينا فإن المذهب عندنا أن من أعتق ستة أعبد له في مرضه ، ولا مال له غيرهم ، وقيمتهم سواء يعتق من كل واحد منهم ثلثه ، ويسعى في ثلثي قيمته ، وعند  الشافعي  رحمه الله تعالى يجزئهم القاضي ثلاثة أجزاء ، ثم يقرع بينهم فيعتق اثنين بالقرعة ، ويرد أربعة في الرق ، واستدل بهذا الحديث ، ورجح مذهبه بأن فيه اعتبار النظر من الجانبين ; لأنه لو أعتق من كل ، واحد منهم ثلثه تعجل تنفيذ الوصية ، وتأخر اتصال حق الورثة إليهم ، بل في هذا إبطال حق الورثة معنى ; لأن السعاية في معنى التاوي فإن المال في ذمة المفلس يكون تاويا فإذا تعذر تنفيذ الوصية بهذا الطريق وجب جميع العتق في شخصين وتعيين المستحق بالقرعة ; لأن ذلك أصل في الشرع ، وكان في شريعة من قبلنا ، قال الله تعالى : { إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم    } ، وقال : { فساهم فكان من المدحضين    } { ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه   } ، والقاضي إذا قسم المال بين الشركاء أقرع بينهم ، وبهذا تبين أن هذا ليس في معنى القمار ; لأن في القمار تعليق أصل الاستحقاق بخروج القدح وفي هذا تعيين المستحق فأما أصل الاستحقاق ثابت بإيجاب المعتق . 
( وحجتنا ) في ذلك أن العبيد استووا في سبب الاستحقاق ، وذلك موجب للمساواة في الاستحقاق فلا يجوز إعطاء البعض ، وحرمان البعض كما لو أوصى برقابهم لغيرهم لكل رجل برقبة بل أولى ; لأن ملك الوصية يحتمل الرجوع من الموصي والرد من الموصى له ، وهذه الوصية لا تحتمل ذلك ، فإذا لم يجز حرمان البعض هناك فهنا أولى ، ثم فيما قاله الخصم ضرر الإبطال في حق بعض الموصى لهم وفيما قلنا ضرر التأخير في حق الورثة ، وضرر التأخير متى قوبل بضرر الإبطال كان ضرر التأخير أهون ، وإذا لم نجد بدا من نوع ضرر رجحنا أهون الضررين على أعظمهما مع أنه ليس في هذا تعجيل حق الموصى له ; لأن عند  أبي حنيفة  رحمه الله تعالى المستسعى مكاتب فلا يعتق شيء منهم ما لم يصل إلى الورثة السعاية . 
وعلى قولهما ، 
				
						
						
