وإذا لم يحنث في قول حلف لا يأكل [ ص: 179 ] فاكهة ، فأكل عنبا أو رطبا أو رمانا رحمه الله تعالى ، ويحنث في قول أبي حنيفة أبي يوسف رحمهما الله تعالى ; لأن الفاكهة ما يؤكل على سبيل التفكه ، وهو التنعم ، وهذه الأشياء أكمل ما يكون من ذلك ، ومطلق الاسم يتناول الكامل ، وكذلك الفاكهة ما يقدم بين يدي الضيفان للتفكه به لا للشبع ، والرمان والرطب من أنفس ذلك كالتين ومحمد رحمه الله تعالى يقول : هذه الأشياء غير الفاكهة . قال الله تعالى { وأبو حنيفة فيهما فاكهة ونخل ورمان . } وقال الله تعالى { وقضبا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وأبا } ، فتارة عطف الفاكهة على هذه الأشياء ، وتارة عطف هذه الأشياء على الفاكهة ، والشيء لا يعطف على نفسه مع أنه مذكور في موضع المنة ، ولا يليق بالحكمة ذكر الشيء الواحد في موضع المنة بلفظين ، ثم الاسم مشتق من التفكه ، وهو التنعم . قال الله تعالى { انقلبوا فكهين } أي متنعمين ، وذلك معنى زائد على ما به القوام والبقاء ، والعنب والرطب يتعلق بهما القوام ، وقد يجتزى بهما في بعض المواضع ، والرمان كذلك في الأدوية ، فلا يتناولها مطلق اسم الفاكهة ، ألا ترى أن يابس هذه الأشياء ليس من الفواكه ، فإن الزبيب والتمر قوت ، وحب الرمان من التوابل دون الفواكه ، وما يكون رطبه من الفواكه فيابسه من الفواكه أيضا كالتين والمشمش والخوخ ، وما لا يكون يابسه من الفواكه ، فرطبه لا يكون من الفواكه كالبطيخ ، فإنه يقدم مع الفواكه بين يدي الضيفان ، ولا يتناوله اسم الفاكهة ، وأما القثاء والفول والجزر ، ليس من الفواكه ، إنما هي من البقول والتوابل ، بعضها يوضع على المائدة مع البقل ، وبعضها يجعل في القدر مع التوابل . قال : ويدخل في الفاكهة اليابسة اللوز والجوز وأشباه ذلك ، وقد بينا أن رحمه الله تعالى يجعل الجوز اليابس من الإدام دون الفاكهة ; لأنه لا يتفكه به عادة ، إنما يؤكل مع الخبز كالجبن ، أو يجعل مع التوابل في القدر ، ولكن في ظاهر الرواية يقول : رطب الجوز من الفواكه ، فكذلك يابسه للأصل الذي بينا . أبا يوسف