( قال ) ولو فعليه القطع ; لأن فعل الدابة مضاف إلى سائقها ، ألا ترى أن ما وطئت دابته فضمانه على سائق الدابة فتتم سرقته بإخراج المال على ظهر الدابة . حمل المتاع على ظهر دابة وساق الدابة حتى أخرجها
( قال ) وإن ففي القياس يقطع الحمال وحده ، وهو قول دخل جماعة الدار فجمعوا المتاع وحملوه على ظهر رجل [ ص: 149 ] منهم فكان هو الذي خرج به ، وقد خرجوا معه أو بعده في فوره أو خرجوا قبله ثم خرج هو في فورهم زفر رحمهما الله تعالى وفي الاستحسان عليهم القطع ، وهو قول والشافعي علمائنا الثلاثة رحمهم الله تعالى وجه القياس أن فعل السرقة إنما يتم من الحمال بإخراج المتاع ، فأما الآخرون لم يوجد إخراج المتاع منهم حقيقة ولا حكما فلا يلزمهم القطع ، وبيان ذلك أنهم خرجوا ولا شيء في أيديهم حقيقة ، ومن طريق الحكم المتاع في يد الحمال حتى لو نازعوه كان القول قوله ويده معتبرة في إيجاب القطع عليه ، ولا يمكن اعتبار تلك اليد بعينها في إيجاب القطع على الآخرين بخلاف ما إذا حملوه على ظهر الدابة ; لأن فعل الدابة هدر فيبقى الإخراج مضافا إلى سوق الدابة فكانوا مخرجين له ، ولأنه لا يد للدابة على المتاع فيبقى في يد الأخذين حكما إلى أن أخرجوه على ظهر الدابة وجه الاستحسان أنهم اشتركوا في هتك الحرز وصار المال مخرجا بمعاونتهم فيلزمهم القطع كما لو أخرجوه على ظهر الدابة ، وهذا ; لأن هذه زيادة حيلة معروفة بين السراق أن يباشر حمل المتاع واحد منهم وأصحابه يكونون مستعدين لدفع صاحب البيت عنه وعن أنفسهم فلا يجوز أن يكون ذلك مسقطا للحد عنهم .
والمسألة مع رحمه الله تعالى إنما تنبني على الردء في قطع الطريق أنه هل تلزمه العقوبة على ما نبينه ؟ فإن الآخرين كالردء للحمال إلا أن الشافعي رحمه الله تعالى قد يفرق بينهما فيقول : حد قطاع الطريق بسبب المحاربة ، والردء مباشر للمحاربة ; لأن المحاربة في العادة هكذا تكون ، فإنهم لو اشتغلوا جميعا بالقتال ، فإذا وقعت الهزيمة عليهم لا تستقر قدمهم ، وإذا كان بعضهم ردءا ، فإذا وقعت الهزيمة على المباشرين للحرب التجئوا إلى الردء ، فلهذا كانت العقوبة عليهم بخلاف السرقة فالحد هاهنا إنما يجب بمباشرة فعل السرقة ، وذلك في إخراج المال من الحرز ، فإذا كان المخرج من يؤاخذ بحكم فعله لم يجب القطع على غيره زفر