وله أن يستبقيهم ويقسمهم بين الجند ينظر أي ذلك خيرا للمسلمين فعله { وللإمام أن يقتل الرجال من الأسارى لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل سبي بني قريظة وقسم سبايا أوطاس } فعرفنا أن كل [ ص: 64 ] ذلك جائز والإمام نصب ناظرا فربما يكون النظر في قتلهم لمعنى الكبت والغيظ للعدو وليأمن المسلمون فتنتهم وربما يكون النظر في قسمتهم لينتفع بهم المسلمون فيختار من ذلك ما هو الأنفع ولهذا لا يحل للمسلمين قتلهم بدون رأي الإمام لأن فيه افتياتا على رأيه إلا أن يخاف الآسر فتنة فحينئذ له أن يقتله قبل أن يأتي به إلى الإمام وليس لغير من أسره ذلك لحديث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { جابر } وإن كان لو قتله لم يلزمه شيء لأن الأسير ما لم يقسم الإمام مباح الدم بدليل أن للإمام أن يقتله وقتل مباح الدم لا يوجب ضمانه فإن أسلموا لم يقتلهم لقوله صلى الله عليه وسلم { : لا يتعاطى أحدكم أسير صاحبه فيقتله } ولأن القتل لدفع فتنة الكفر وقد اندفعت بالإسلام ولكنه يقسمهم لأنه كان مخيرا فيهم بين القتل والقسمة فإذا تعذر أحدهما تعين الآخر وهذا لأن حق المسلمين قد ثبت فيهم بالأخذ وصاروا بمنزلة الأرقاء والإسلام لا ينافي بقاء الرق والقسمة لتعيين الملك لا أن يكون ابتداء الاسترقاق فإسلامهم لا يمنع من ذلك فإن لم يسلموا ولكنهم ادعوا أمانا فقال قوم من المسلمين : قد كنا أمناهم فإنهم لا يصدقون على ذلك لأن حق المسلمين قد ثبت فيهم فلا يصدقون في إبطال حق المسلمين وقولهم هذا إقرار لا شهادة فإنهم أخبروا به عن أنفسهم ومن أخبر بما لا يملك استئنافه كان متهما في خبره فلا يصدق وإن شهد قوم من المسلمين عدول على طائفة أخرى من المسلمين أنهم أسروهم وهم ممتنعون جازت شهادتهم لأنه لا تهمة في شهادتهم فإنهم إن كانوا من الجند ففي شهادتهم ضرر عليهم وإن كانوا من غير الجند فليس في شهادتهم منفعة لهم وإذا انتفت التهمة فالثابت بالشهادة كالثابت معاينة . : فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم