وإذا لم يكن له أن يمشي إلى صاحبه والرمح في جوفه حتى يضربه بالسيف ولا يكون به معينا على نفسه لأن المسلم مندوب إلى بذل نفسه في قهر المشركين وإعزاز الدين وليس في هذا أكبر من بذل النفس لهذا المقصود ولكن هذا إذا كان يعلم أنه يصيب من قرنه إذا فعل ذلك وهو نظير ما لو حمل الواحد على جمع عظيم من المشركين فإن كان يعلم أنه يصيب بعضهم أو ينكي فيهم نكاية فلا بأس بذلك وإن كان يعلم أنه لا ينكي فيهم فلا ينبغي له أن يفعل ذلك لقوله تعالى { طعن المسلم بالرمح في جوفه ولا تقتلوا أنفسكم } { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } والأصل فيه ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم { رأى يوم أحد كتيبة من اليهود فقال : من لهذه الكتيبة فقال وهب بن قابوس : أنا لها يا رسول الله فحمل عليهم حتى فرقهم ثم رأى كتيبة أخرى فقال : من لهذه الكتيبة ؟ فقال وهب : أنا لها فقال صلى الله عليه وسلم : أنت لها وأبشر بالشهادة فحمل عليهم حتى فرقهم وقتل هو } فذلك دليل على أنه إذا كان ينكي فعله فيهم فلا بأس بأن يحمل عليهم .