فأما
nindex.php?page=treesubj&link=8842_8846خراج الرءوس لا يؤخذ من النساء والصبيان لما بينا أنه خلف عن النصرة التي فاتت بإصرارهم على الكفر ونصرة القتال لو كانوا مسلمين على الرجال دون النساء والصبيان ولأن في حقهم الوجوب بطريق العقوبة كالقتل وإنما يقتل الرجال منهم دون النساء والصبيان حين كانوا حربيين فكذلك حكم الجزية بعد عقد الذمة ولئن كان مؤنة السكنى فالنساء والصبيان في السكنى تبع وأجرة السكنى على من هو الأصل دون التبع ولكن الأول أصح فإنه لا تؤخذ الجزية من الأعمى والشيخ الفاني والمعتوه والمقعد مع أنهم في السكنى أصل ولكن لا يلزمه أصل النصرة ببدنه لو كان مسلما فكذلك لا يؤخذ منه ما هو خلف عن النصرة وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أن الأعمى والمقعد إذا كان صاحب مال ورأي يؤخذ منه لأنه يقاتل برأيه وإن كان لا يقاتل ببدنه لو كان مسلما وعجزه لنقصان في بدنه ولا نقصان في ماله فيؤخذ منه ما هو خلف عن النصرة والفقير الذي لا يستطيع أن يعمل لا تؤخذ منه الجزية لأن الجزية مال يؤخذ منه ولا مال له والعاجز عن الأداء معذور شرعا
[ ص: 80 ] فيما هو حق العباد قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=280 : وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } ففي الجزية أولى وهذا لأن الجزية صلة مالية وليست بدين واجب .
ألا ترى أنها سميت خراجا في الشرع والخراج اسم لما هو صلة قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=94فهل نجعل لك خرجا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=72أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير } والصلة المالية لا تكون إلا ممن يجد للمال فأما من لا يجد يعان بالمال فكيف يؤخذ منه ولا خراج على رءوس المماليك لأنه خلف عن النصرة والمملوك لا يملك نصرة القتال في نفسه أن لو كان مسلما فلا يلزمه ما هو خلف عن النصرة ثم هو أعسر من الحر الذي لا يجد شيئا لأنه ليس من أهل الملك أصلا ثم المملوك في السكنى تبع لمولاه ولا خراج في الاتباع كالنساء والصبيان ولا صدقة في أموال
أهل الذمة من السوائم ومال التجارة في أوطانهم لأن الإمام في الباب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه وهو لم يتعرض لأموالهم في ذلك بشيء لا أن يمروا على العاشر فقد بينا ذلك في الزكاة وكان المعنى فيه أن الأخذ من أموال المسلمين بطريق العبادة المحضة دون المؤنة فإن الشرع جعل الزكاة أحد أركان الدين والكافر ليس بأهل لذلك بخلاف الخراج والعشر فالأخذ من المسلم بطريق مؤنة الأرض ولهذا جاز أخذه من الكافر ولكن يؤخذ من الكافر ما هو أبعد عن معنى العبادة وأقرب إلى معنى الصغار وهو الخراج .
فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=8842_8846خَرَاجُ الرُّءُوسِ لَا يُؤْخَذُ مِنْ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ خَلَفٌ عَنْ النُّصْرَةِ الَّتِي فَاتَتْ بِإِصْرَارِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ وَنُصْرَةُ الْقِتَالِ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَلِأَنَّ فِي حَقِّهِمْ الْوُجُوبُ بِطَرِيقِ الْعُقُوبَةِ كَالْقَتْلِ وَإِنَّمَا يُقْتَلُ الرِّجَالُ مِنْهُمْ دُونَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ حِينَ كَانُوا حَرْبِيِّينَ فَكَذَلِكَ حُكْمُ الْجِزْيَةِ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَلَئِنْ كَانَ مُؤْنَةَ السُّكْنَى فَالنِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فِي السُّكْنَى تَبَعٌ وَأُجْرَةُ السُّكْنَى عَلَى مَنْ هُوَ الْأَصْلُ دُونَ التَّبَعِ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ فَإِنَّهُ لَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ الْأَعْمَى وَالشَّيْخِ الْفَانِي وَالْمَعْتُوهِ وَالْمُقْعَدِ مَعَ أَنَّهُمْ فِي السُّكْنَى أَصْلٌ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ أَصْلُ النُّصْرَةِ بِبَدَنِهِ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَكَذَلِكَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا هُوَ خَلَفٌ عَنْ النُّصْرَةِ وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْأَعْمَى وَالْمُقْعَدَ إذَا كَانَ صَاحِبَ مَالٍ وَرَأْيٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ لِأَنَّهُ يُقَاتَلُ بِرَأْيِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُقَاتِلُ بِبَدَنِهِ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَعَجْزُهُ لِنُقْصَانٍ فِي بَدَنِهِ وَلَا نُقْصَانَ فِي مَالِهِ فَيُؤْخَذَ مِنْهُ مَا هُوَ خَلَفٌ عَنْ النُّصْرَةِ وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ مَالٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَا مَالَ لَهُ وَالْعَاجِزُ عَنْ الْأَدَاءِ مَعْذُورٌ شَرْعًا
[ ص: 80 ] فِيمَا هُوَ حَقُّ الْعِبَادِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=280 : وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ } فَفِي الْجِزْيَةِ أَوْلَى وَهَذَا لِأَنَّ الْجِزْيَةَ صِلَةٌ مَالِيَّةٌ وَلَيْسَتْ بِدَيْنٍ وَاجِبٍ .
أَلَا تَرَى أَنَّهَا سُمِّيَتْ خَرَاجًا فِي الشَّرْعِ وَالْخَرَاجُ اسْمٌ لِمَا هُوَ صِلَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=94فَهَلْ نَجْعَلُ لَك خَرْجًا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=72أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ } وَالصِّلَةُ الْمَالِيَّةُ لَا تَكُونُ إلَّا مِمَّنْ يَجِدُ لِلْمَالِ فَأَمَّا مَنْ لَا يَجِدُ يُعَانُ بِالْمَالِ فَكَيْفَ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَا خَرَاجَ عَلَى رُءُوسِ الْمَمَالِيكِ لِأَنَّهُ خَلْفٌ عَنْ النُّصْرَةِ وَالْمَمْلُوكُ لَا يَمْلِكُ نُصْرَةَ الْقِتَالِ فِي نَفْسِهِ أَنْ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَلَا يَلْزَمُهُ مَا هُوَ خَلَفٌ عَنْ النُّصْرَةِ ثُمَّ هُوَ أَعْسَرُ مِنْ الْحُرِّ الَّذِي لَا يَجِدُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ أَصْلًا ثُمَّ الْمَمْلُوكُ فِي السُّكْنَى تَبَعٌ لِمَوْلَاهُ وَلَا خَرَاجَ فِي الِاتِّبَاعِ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَلَا صَدَقَةَ فِي أَمْوَالِ
أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ السَّوَائِمِ وَمَالُ التِّجَارَةِ فِي أَوْطَانِهِمْ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي الْبَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِأَمْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ لَا أَنْ يَمُرُّوا عَلَى الْعَاشِرِ فَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْأَخْذَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ بِطَرِيقِ الْعِبَادَةِ الْمَحْضَةِ دُونَ الْمُؤْنَةِ فَإِنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ الزَّكَاةَ أَحَدَ أَرْكَانِ الدِّينِ وَالْكَافِرُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ فَالْأَخْذُ مِنْ الْمُسْلِمِ بِطَرِيقِ مُؤْنَةِ الْأَرْضِ وَلِهَذَا جَازَ أَخْذُهُ مِنْ الْكَافِرِ وَلَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ الْكَافِرِ مَا هُوَ أَبْعَدُ عَنْ مَعْنَى الْعِبَادَةِ وَأَقْرَبُ إلَى مَعْنَى الصَّغَارِ وَهُوَ الْخَرَاجُ .