فإن لم يكن هذا منه نقضا للعهد ، ولكن يعاقب [ ص: 86 ] على هذا ويحبس ، وقال صار ذمة ثم وقفت منه على أنه يخبر المشركين بعورة المسلمين ، ويقري عيونهم رحمه الله تعالى هو ناقض للعهد بما صنع فيقتل ، وكذلك إن كان لا يزال يغتال رجلا من المسلمين فيقتله أو يفعل ذلك أهل أرضه لم يكن هذا نقضا للعهد عندنا ، وقال مالك رحمه الله تعالى هو نقض ; لأنه خلاف موجب العقد ، فإن الذمي من ينقاد لحكم الإسلام في المعاملات ، ويكون مقهورا في دار الإسلام تحت يد المسلمين ، ومباشرة ما كان يخالف موجب العقد يكون نقضا للعهد ، ولكنا نقول لو فعل هذا مسلم لم يكن به ناقضا لإيمانه فكذلك إذا فعله ذمي لا يكون ناقضا لأمانه ، والأصل فيه حديث مالك ، وفيه نزل قوله تعالى { حاطب بن أبي بلتعة يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي ، وعدوكم أولياء } ، وقصته فيما صنع معروفة في المغازي ، وقد سماه الله تعالى مؤمنا مع ذلك ، وحديث أبي لبابة بن المنذر ، وفيه نزل قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله ، والرسول } ، وقصته فيما أخبر به بني قريظة معروفة ، وقد سماه الله مؤمنا فعرفنا أن مثل هذا لا يكون نقضا للإيمان ، ولا للذمة ، ولكن من ثبت عليه القتل بالبينة يقتص منه ، فإن لم يعرف القاتل ، ووجد القتيل في قرية من قراهم ففيه القسامة ، والدية كما { بخيبر } فيحلف الملك خمسين يمينا بالله ما قتلت ، ولا عرفت قاتله ثم يغرم الدية ، ولا يحلف بقية أهل مملكته ; لأنهم عبيده ، والعبيد لا يزاحمون الأحرار في القسامة ، والدية ، فإن كانوا أحرارا فعليهم القسامة ، والدية ; لأنهم يساوونه في الحرية ، والسكنى في القرية فيشاركونه في القسامة ، والدية . قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتيل الموجود