وإن عتق في قول دخل بعبده المسلم الذي اشتراه أو أسلم في يده في دار الحرب رحمه الله ، ولم يعتق في قول [ ص: 90 ] أبي حنيفة أبي يوسف رحمهما الله حتى يظهر المسلمون على الدار أو يخرج مراغما لمولاه ; لأنه كان قاهرا له في دارنا حكما بعقد الأمان ، وفي دار الحرب حسا بقوته فيبقى مملوكا له حتى يصير العبد قاهرا له ، وذلك بخروجه مراغما أو ظهور المسلمين عليه . ومحمد
ألا ترى أنه لو كان في دار الحرب حين أسلم عبده لم يعتق إلا بأحد هذين الوجهين فكذلك إذا أدخله دار الحرب ، وقد بينا طريق رحمه الله لهذه المسألة في كتاب العتاق ، وفيه طريق آخر نذكره ههنا ، وهو أنه حين انتهى به إلى آخر جزء من أجزاء دار الإسلام فقد ارتفع حكم الأمان الذي بيننا وبينه ، وبقاء ملكه بعد إسلام العبد كان بحكم الأمان ، فإذا ارتفع زال ذلك الملك ، وحصل العبد في يد نفسه فيعتق ، وهي يد محترمة فتكون دافعة لقهره ، وإن أدخله دار الحرب فلا يثبت له باعتبار هذا القهر الملك في دار الحرب أبي حنيفة
( فإن قيل ) بارتفاع الأمان زال صفة الحظر لا أصل الملك كمن أباح لغيره شيئا لا يزول أصل ملكه به فملكه المباح في دار الحرب إبقاء ما كان من الملك لا إثبات ملك له فيه ابتداء . ( قلنا ) ما كان ملكه بعد إسلام العبد في دار الإسلام إلا باعتبار صفة الحظر ، فإنه لو لم يكن مستأمنا لكان العبد المسلم قاهرا له في دار الإسلام ، وكان حرا ، فإذا زال الحظر بزوال الأمان زال أصل الملك ( قال ) .
ألا ترى أنه في دار الحرب لو قتل مولاه ، وأخذ ماله ، وخرج إلينا كان حرا ، وكان ما خرج به من المال له ، وهذا إشارة إلى ما بينا أنه ظهرت يده في نفسه ، وهي يد محترمة ، وكذلك لو كان هذا العبد الذي اشتراه وأدخله ذميا ; لأن للذمي يدا محترمة في نفسه كما للمسلم .