قال : ( وإذا أدرك الرجل ركعة مع الإمام من المغرب فلما سلم الإمام قام يقضي  قال : يصلي ركعة ويقعد ) ، وهذا استحسان ، والقياس يصلي ركعتين ثم يقعد ; لأنه يقضي ما فاته فيقضي كما فاته ، ويؤيد هذا القياس بالسنة وهو قوله صلى الله عليه وسلم : { وما فاتكم فاقضوا   } ووجه الاستحسان أن هذه الركعة ثانية هذا المسبوق ، والقعدة بعد الركعة الثانية في صلاة  [ ص: 190 ] المغرب  سنة ، وهذا لأن الثانية هي الثالثة للأولى ، والثانية للأولى في حقه هذه الركعة ، وروي أن جندبا   ومسروقا  رضي الله تعالى عنهما ابتليا بهذا ، فصلى جندب  ركعتين ثم قعد  ، ومسروق  ركعة ثم قعد ، ثم صلى ركعة أخرى ، فسألا عن ذلك  ابن مسعود  رضي الله تعالى عنه ، فقال : كلاكما أصاب ، ولو كنت أنا لصنعت كما صنع  مسروق  ، وتأويل قوله : كلاكما أصاب طريق الاجتهاد ، فأما الحق فواحد غير متعدد ، ثم ما يصلي المسبوق مع الإمام آخر صلاته حكما عند  أبي حنيفة   وأبي يوسف    - رحمهما الله تعالى - وعند  محمد  رحمه الله تعالى في القراءة والقنوت هو آخر صلاته ، وفي حكم القعدة هو أول صلاته ، ومذهبه مذهب  ابن مسعود  ، ومذهبهما مذهب  علي  رضي الله تعالى عنه ، وقال  الشافعي  رضي الله تعالى عنه هو أول صلاته فعلا وحكما ; لأنه لا يتصور الآخر إلا بعد الأول في الأداء ، ألا ترى أن تكبيرة الافتتاح في حقه أول الصلاة فكذلك ما بعده ، ولكنا نقول : لو كان هذا مؤديا لأول الصلاة كان مخالفا لإمامه ، ولا يصح الاقتداء به كيف وقد قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم { ما فاتكم فاقضوا   } فهو نص على أنه مؤد مع الإمام ما أدرك لا ما فاته ، ولكن  محمد  رحمه الله تعالى جعله في حكم القراءة هكذا احتياطا حتى تلزمه القراءة فيما يقضي ; لأن القراءة مكررة في صلاة واحدة ، وكذلك في حكم القنوت ; لأنه يتكرر في صلاة واحدة ، فلو جعلنا ما يؤديه مع الإمام أول الصلاة للزمه القنوت فيما يقضي ، فيؤدي إلى تكرار القنوت في صلاة واحدة ، فأما في حكم القعدة فتتم الصلاة بقعدة هي ركن ، ولن يكون ذلك إلا بعد أن يجعل ما يؤديه مع الإمام أول الصلاة ، فلهذا قعد إذا صلى ركعة ، وحكي عن يحيى البناء  وكان من أصحاب محمد  رحمه الله تعالى أنه سأله عن هذه المسألة ، فأجاب بما قلنا ، فقال على وجه السخرية : هذه صلاة معكوسة ، فقال  محمد  رحمه الله تعالى لا أفلحت ، قال : وكان كما قال : أفلح أصحابه ولم يفلح بدعائه . 
				
						
						
