( قال ) : وبلغنا { كانوا يشربون شرابا لهم من الفضيخ فأتاهم آت فأخبرهم أن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة يا أبو طلحة قم إلى هذه الجرار فاكسرها فقمت إليها فكسرتها حتى أهراق ما فيها : أنس } ولو لم يكن خبر الواحد حجة ما وسعهم ذلك لما فيه من إضاعة المال وتأويل كسر الجرار أن الخمر كانت تشرب فيها فلا تصلح للانتفاع بها بوجه آخر وكان ذلك لإظهار الانقياد وتحقيق الانزجار عن العادة المألوفة وعلى هذا يحمل ما روي { أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم } وذكر حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بكسر الدنان وشق الروايا عكرمة رضي الله عنه { المدينة فأخبرهم بأنه رآه فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يصوموا بشهادته } فهذا يدل على أن أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل شهادة أعرابي وحده على رؤية هلال رمضان حين قدم مقبولة شهادة الواحد في الدين والكلام في هذا الفصل قد بيناه في كتاب الصوم وذكر ولا يقبل في هلال الفطر أقل من شاهدين رجلين أو رجل وامرأتين في نوادره قال : قلت ابن سماعة فإذا قبلت لمحمد وأمرت بالصوم ثلاثين يوما ولم يروا [ ص: 168 ] الهلال أليس أنهم يفطرون وهذا فطر بشهادة الواحد فقال : لا أتهم المسلم بتبديل يوم مكان يوم ويمكن أن يجاب عن هذا فيقال : الفطر غير ثابت بشهادته وإن كانت تفضي إليه شهادته كما لو شهدت القابلة بالنسب يثبت استحقاق الميراث ولا يستحق المال بشهادة القابلة وهذا على قول شهادة الواحد في هلال رمضان . محمد
فأما على رواية الحسن عن رحمهما الله تعالى لا يفطرون وإن صاموا ثلاثين يوما إذا لم يروا الهلال قال أبي حنيفة الحاكم : وهلال الأضحى كهلال الفطر ذكره في كتاب الشهادات وفي النوادر عن رحمه الله تعالى أن أبي حنيفة كالشهادة على هلال رمضان لما يتعلق به من أمر ديني وهو ظهور وقت الحاج وذلك حق الله تعالى . الشهادة على هلال الأضحى
فأما في ظاهر الرواية قال : هذا في معنى هلال الفطر لأن فيه منفعة للناس هنا من حيث التوسع بلحوم الأضاحي في اليوم العاشر كما في هلال الفطر للتهمة لما بينا أن خبر الفاسق في أمر الدين غير ملزم وذكر ولا يقبل في هلال رمضان قول مسلم ولا مسلمين ممن لا تجوز شهادتهم أن شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان مقبول عدلا كان أو غير عدل قيل : المراد بقوله غير عدل أن يكون مستورا فيكون موافقا لرواية الطحاوي الحسن عن رحمهما الله تعالى في المستور وقيل : بل مراده الفاسق ووجه هذه الرواية أن التهمة منتفية عن خبره هذا لأنه يلزمه من الصوم ما يلزم غيره فأما أبي حنيفة لأن في الخبر الديني الذكور والإناث والأحرار والمماليك سواء وكذلك إن عبد مسلم ثقة أو أمة مسلمة أو امرأة مسلمة حرة فشهادتهم في ذلك جائزة وبهذا تبين أنه خبر لا شهادة حتى لا يشترط فيه لفظ الشهادة وذكر أنه إذا كان محدودا في قذف قد حسنت توبته فشهادته جائزة أيضا وروى شهد واحد على شهادة واحد الحسن عن رحمه الله تعالى أن شهادته لا تقبل لأنه محكوم بكذبه وإذا كانت أبي حنيفة لا تقبل هنا فالمحكوم بالكذب أولى ووجه هذه الرواية أن شهادة المتهم بالكذب مقبول . خبر المحدود في أمر الدين
ألا ترى أن بعدما أقيم عليه حد القذف كانت تعتمد روايته وهذا لأن رد شهادته لحق المقذوف وهو دفع العار عنه بإهدار قوله وذلك في الأحكام التي يتعلق بها حقوق العباد وينعدم هذا المعنى في أمور الدين فكان المحدود فيه كغيره يقول فإذا أبا بكرة من ذلك لا تقبل شهادته لأن الذي يقع في القلب من ذلك أنه باطل وقد بينا في كتاب الصوم أقاويل العلماء رحمهم الله تعالى في هذا الفصل وعن كان الذي شهد بذلك في المصر ولا علة في السماء رحمه الله تعالى أنه اعتبر فيه عدد الخمسين على قياس الأيمان في القسامة وفيما ذكر هناك إشارة إلى أنه إذا أبي يوسف فإنه تقبل شهادته فقد ذكر بعد هذا أيضا أو جاء من مكان آخر وأخبر بذلك وهكذا ذكره جاء [ ص: 169 ] من خارج المصر رحمه الله تعالى في كتابه لأنه يتفق من الرؤية في الصحاري ما لا يتفق في الأمصار لما فيها من كثرة الغبار وكذلك إن كان في المصر على موضع مرتفع فقد يتفق له من الرؤية ما لا يتفق لمن هو دونه في الموقف الطحاوي