، فهذا جائز ويدفع ذلك القاضي إليه الثمن إذا ثبت كتاب القاضي عنده بالبينة ; لأن المدعي بهذه البينة لا يريد أخذ عين العبد ، فإن بيع القاضي قد نفذ فيه ، ألا ترى أنه لو أقام البينة عنده دفع إليه الثمن ، ولم يمكنه من أخذ العبد فعرفنا أن مقصوده إثبات حق أخذ الثمن لنفسه ، فهذا والبينة التي يقيمها على الدين سواء ; فلهذا يكتب القاضي له بذلك ، ويقضي المكتوب إليه بخلاف ما سبق . رجل أقام البينة عند قاض من القضاة بأن العبد الذي باعه قاضي بلد كذا من فلان فهو عبده ، وأخذ كتابه إلى ذلك القاضي الذي باعه الآبق
( فإن قيل : ) الثمن عين في يد ذلك القاضي كالعبد . ( قلنا : ) نعم ، ولكنه معلوم بذكر مقداره فلا تقع الحاجة إلى الإشارة من الشهود إلى عينه للاستحقاق بخلاف العبد ، وإذا وجد الرجل عبدا أو أمة آبقا وهو يقدر على أخذه فإنه يسعه تركه ، وأحب إلي أن يأخذه ليرده على صاحبه ، ومن العلماء من يقول : لا يسعه تركه ; لأن النهي عن المنكر فرض على كل من يقدر عليه ، ولأن حرمة مال المسلم كحرمة نفسه ، ولو رأى إنسانا يغرق لم يسعه إلا أن يخلصه إذا قدر عليه فكذلك إذا رأى ماله يتوى ، ولكنا نقول : هو يحتاج في رده إلى معالجة ومؤنة فكان في سعة من أن لا يلتزم ذلك ، وإن كان الأولى أن يلتزمه ، ولأنه في الترك يعتمد ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم : { } ، وقال : { لا يأوي الضالة إلا ضال } [ ص: 27 ] وبظاهر الحديث يقول جهال أهل التقشف ، وحمقى أهل التصرف لا يسعه أن يأخذه ، فلا أقل من أن يسعه الترك لظاهر الحديث . ضالة المؤمن حرق النار