فالمغصوب منه بالخيار إن شاء ضمن الغاصب ألف درهم في ماله حالا ، وإن شاء أتبع عاقلة القاتل بألفي درهم في ثلاث سنين ; لأن كل واحد منهما جان في حقه فله الخيار في التضمين ، فإن ضمن الغاصب ، فإنما يضمنه باعتبار الغصب فينظر إلى قيمتها عند ذلك ، وضمان الغصب يجب حالا على الغاصب ; لأن وجوبه باعتبار المالية ، ثم الغاصب يرجع على عاقلة القاتل بألفي درهم مؤجلا في ثلاث سنين ; لأن الغاصب يملك بالضمان فيظهر أن القاتل جان على ملكه ، فلهذا يرجع على عاقلة القاتل بألفي درهم في ثلاث سنين ، أو لأن المالك لما ضمنه فقد أقامه مقام نفسه في الرجوع على عاقلة القاتل . وهو لو اختار الرجوع عليهم أخذ منهم ألفي درهم قيمتها وقت القتل في ثلاث سنين ; لأن الواجب باعتبار القتل بدل النفس فيكون على العاقلة مؤجلا ، فكذلك الغاصب يرجع عليهم بهذه الصفة ، ثم يسلم له مما يقبض ألفا قدر ما ضمن ، ويتصدق بالألف الأخرى ; لأنه حصل له بكسب خبيث ، وهو الغصب المتقدم ، ولأنه ربح حصل لا على ملكه فيلزمه التصدق به كالربح الحاصل لا على ضمانه ، فإن كانت قيمة الجارية يوم غصبها عشرة آلاف درهم ، ويوم قتلها القاتل كذلك ، فمولاها بالخيار إن شاء ضمن الغاصب عشرة آلاف درهم في ماله حالة بسبب الغصب ، وإن شاء ضمن عاقلة القاتل خمسة آلاف درهم إلا عشرة دراهم في ثلاث سنين بسبب القتل ; لأن الواجب بهذا السبب بدل النفس ، وبدل نفس الأمة لا يزيد على خمسة آلاف كبدل نفس الحرة ، وينقص للرق من ذلك عشرة دراهم ، وفي رواية خمسة ، فإن ضمن الغاصب يرجع الغاصب على عاقلة القاتل بخمسة آلاف درهم إلا عشرة دراهم ، إما لأنه قائم مقام المغصوب منه أو لأنه ظهر أن جناية القاتل كانت على ملكه . ( رجل ) غصب جارية قيمتها ألف درهم فصارت قيمتها ألفين ، ثم قتلها رجل خطأ
فإن أخذها مولاها [ ص: 73 ] ودفعها أو فداها ; لأنها بعد الغصب باقية على ملك مولاها ، وموجب جناية المملوك أن يخير مولاها بين الدفع والفداء ، وأي ذلك فعل رجع على الغاصب بالأقل من قيمتها ومن الفداء ; لأن ذلك إنما لزمه بسبب كان منها في يد الغاصب ، وجنايتها في ضمان الغاصب كجناية الغاصب عليها ، ولأن الرد لم يسلم حين استحقت من يد المولى بسبب كان عند الغاصب فكأنه لم يردها فيرجع عليه بقيمتها إلا أن يكون الفداء أقل من القيمة فحينئذ يرجع بالأقل ; لأنه في التزام الزيادة على الأقل مختار ، فإنه كان يتخلص باختيار الأقل ، فإن كانت الجارية هي التي قتلت رجلا خطأ أخذ المولى قيمتها من الغاصب بسبب الغصب فيدفعها إلى أولياء الجناية ; لأنها كانت مستحقة لهم بالجناية ، وقد فاتت ، واختلفت بدلا فيستحقون بدلها باستحقاقها ، وإذا دفع القيمة إليهم رجع بها على الغاصب مرة أخرى ; لأن المقبوض استحق من يده بسبب كان عند الغاصب ، ولأن استرداد القيمة كاسترداد العين ، ولو استردها ودفعها بالجناية رجع على الغاصب بقيمتها فكذلك إذا استرد قيمتها ، ودفعها بالجناية . كانت ماتت عند الغاصب بعد الجناية