وإن فعليه حنطة [ ص: 95 ] مثل حنطته ، ولا سبيل له على الزرع عندنا ، وعند غصب حنطة فزرعها ثم جاء صاحبها وقد أدرك الزرع أو هو بقل رضي الله تعالى عنه الزرع له ; لأنه متولد من ملكه ، والمتولد يملك بملك الأصل كولد الجارية وثمرة الشجرة ، وهذا لأن فعل الزارع حركاته ، والأجسام لا تتولد من الحركات . والدليل على أن التولد من الأصل أن بصفة الأصل يختلف الزرع مع اتحاد عمل الزارع ، والدليل عليه أنه لو حصل بغير فعل أحد بأن الشافعي كان الزرع لصاحب الحنطة . هبت الريح بحنطة إنسان ، وألقته في أرض الغير فينبت
( وحجتنا ) في ذلك أن الزرع غير الحنطة ; لأن الحنطة مطعوم بني آدم ، والزرع بقل هو علف الدواب ، وهذا الزرع حادث ; لأنه ما لم يفسد الحب في الأرض لا ينبت الزرع ، فإما أن يكون حادثا بأصل الحنطة أو بقوة الأرض والهواء أو بعمل الزارع ، والأول باطل ; لأن كونه حنطة ليس بعلة لبقائها كذلك حنطة فكيف تكون علة لحدوث شيء آخر . وقوة الأرض والهواء كذلك ; لأنهما مسخران بتقدير الله تعالى لا اختيار لهما ، فلا يصلح إضافة الحكم إليهما بنفي عمل الزارع ، وهو في معنى الشرط ; لأنه يجمع بين البذر وقوة الأرض والهواء بعمله ، وقد بينا أنه يضاف الحكم إلى الشرط عند تعذر الإضافة إلى العلة كما أن الواقع في البئر يضاف هلاكه إلى الحافر ، وعمله في الشرط ، ولكن ما كان علة ، وهو تعلة ، ومشبه بغير علة لا يصلح عمله لإضافة الحكم إليه ، فيكون مضافا إلى الشرط ، وإذا ثبت أنه مضاف إلى عمل الزارع كان هو مكتسبا للزارع ، والكسب ملك للمكتسب ، وعليه ضمان ما صار مستهلكا بعمله ، إلا أنه لا يطيب له الفضل في قول أبي حنيفة رحمهما الله ، وعند ومحمد رحمه الله يطيب له الفضل ; لأنه كسبه . أبي يوسف
ولكنا نقول : دخل في كسبه من حيث إنه استعمل في الاكتساب ملك الغير ، ولأنه من حيث الصورة هذا متولد من ذلك الأصل كما قاله الخصم ، ومن حيث المعنى والحكم غيره فلاعتبار الصورة قلنا : لا يطيب له الفضل احتياطا ، وعلى هذا لو إلا أنه روي عن غصب نواة فأنبتها أو تالة فغرسها رحمه الله أنه قال في التالة : لا يحل له أن ينتفع بها حتى يؤدي الضمان ، وفي الزرع والنواة له ذلك ; لأن البذر والنواة تفسد في الأرض ، فكان الزرع والشجرة كسب الغاصب من كل وجه ، فيجوز له الانتفاع به قبل أداء الضمان المستهلك ، وأما التالة فلا تفسد ، ولكنها تنمو ، وإنما جعلنا الشجرة غير التالة من حيث الحكم ، فلا يحل له الانتفاع بها قبل أداء الضمان كما في الحنطة إذا طحنها . وفي ظاهر الرواية الجواب في [ ص: 96 ] الفصلين سواء ، وعلى هذا أبي يوسف ، فهذا ومسألة الزرع سواء ، والمغايرة بين الفرخ والبيضة لا تشكل على أحد ; لأن هذا حيوان ، وذلك موات ، ولا يدخل على شيء من هذا إذا غصب شجرة وقلعها وكسرها ; لأن القلع نقصان محض لا يتبدل به اسم العين ، ثم الكسر تحقيق ما هو المقصود بالشجرة بعد القلع ، وهو الحطب فهو كمسألة الشاة إذا ذبحها وسلخها . لو غصب بيضة وحضنها تحت دجاجة له حتى أفرخت