( ولو ) فعليه مثلها [ ص: 104 ] لأن الخمر من ذوات الأمثال ، والمصير إلى القيمة في ذوات الأمثال عند العجز عن أداء المثل ، وذلك في حق المسلم دون النصراني ; لأنه قادر على تمليك الخمر من غيره بعوض ; ولهذا جازت المبايعة بالخمر فيما بينهم ، وإن غصب نصراني من نصراني خمرا فاستهلكها ، فلا شيء له على المستهلك ; لأن الخمر في حق المسلم ليس بمال متقوم . أسلم الطالب بعد ما قضي له بمثلها
ولو لم يضمنه شيئا ، فكذلك إذا احتبس ما صار دينا منها ، ولكنه بإسلامه يكون مبرئا له عما كان له في ذمته من الخمر ; لأنه يخرج بفعله من أن يكون مالا متقوما في حقه ، ومن أن يكون متمكنا من قبضه ، وكذلك لو أسلما معا ; لأن في إسلامهما إسلام الطالب ، ولو أسلم المطلوب وحده أو أسلم المطلوب ثم الطالب فعلى قول احتبس عينها عند النصراني له بالغصب والاستهلاك وهو روايته عن أبي يوسف رحمهما الله الجواب كذلك ، وفي قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، وهو رواية محمد عافية عن وزفر رحمهما الله على المطلوب قيمة الخمر . وجه قول أبي حنيفة رحمه الله أن الإسلام الطارئ بعد تقرر سبب الضمان يجعل كالمقترن بالسبب . كما أن الإسلام الطارئ بعد العقد قبل القبض يجعل كالمقترن بالعقد ، ثم اقتران إسلام المطلوب بغصب الخمر واستهلاكها لا يمنع وجوب ضمان القيمة بخلاف إسلام الطالب فكذلك الطارئ ، وهذا لأن خمر الذمي يجوز أن يكون مضمونا في يد المسلم ، فكذلك يجوز أن يكون مضمونا في ذمة المسلم . محمد
وبهذا تبين أنه ليس في إسلام المطلوب معنى البراءة ، وأما خمر المسلم يجوز أن يكون مضمونا في يد الذمي فكذلك في ذمته فكان إسلامه مبرئا بهذا الطريق ، وهو أنه يمنع بقاءها في ذمته بعده ، ولا يمكن جعل أصل السبب موجبا للقيمة في الإسلام المقارن ; لأنه وجب به ضمان المثل ، فلا تجب به القيمة أيضا بخلاف النكاح ، فإن على قول يجب قيمة الخمر بعد إسلام أحدهما كانت بعينها أو بغير عينها ; لأن إسلام الطالب مبرئ من حيث تعذر إبقائها في الذمة أو مضمونا في يد الزوج بعد إسلامهما ، ولكن هذا لا يمنع وجوب ضمان القيمة بأصل السبب ; لأن هذه القيمة عوض عن البضع ، وشرط وجوبها صحة التسمية لإبقاء استحقاق المسمى ، وقد كانت التسمية صحيحة حين كان المسمى مالا متقوما يومئذ محمد رحمه الله يقول : تعذر قبض الخمر المستحق في الذمة بسبب الإسلام ، فلا تجب القيمة كما لو أسلم الطالب ، وتحقيقه أنه لما وجب الخمر بالسبب دينا في ذمته ، فلا يمكن إيجاب القيمة باعتبار أصل السبب ، ولا يمكن إيجاب القيمة عوضا عما كان في الذمة ; لأن شرطها تمليك ما في الذمة بها . والذمي لا يقدر على تمليك الخمر من المسلم بعوض كما أن المسلم [ ص: 105 ] لا يتملك الخمر بعوض ; فلانعدام الشرط يتعذر استيفاء القيمة ، كما لو وأبو يوسف ليس له أن يضمن الكاسر شيئا ; لأن شرط تضمين القيمة تمليك المكسور منه ، وذلك فائت ، وبه فارق الإسلام المقارن ; لأن وجوب القيمة هناك باعتبار أصل السبب ، وهو الغصب والاستهلاك ، فإنه موجب للضمان باعتبار الجناية من غير أن يكون موجبا الملك في المحل عند التعذر كما في غصب المدبر . هشم قلب فضة إنسان ، ثم تلف المكسور في يد صاحب القلب
وإن فعليه قيمته ; لأن بنفس الاستهلاك وجبت القيمة هنا ، فإن الحيوان ليس من ذوات الأمثال ، والقيمة دراهم أو دنانير ، فلا يمتنع بقاؤها في الذمة ، واستيفاؤها بعد إسلامهما أو إسلام أحدهما . غصب خنزيرا فاستهلكه ، ثم أسلم أحدهما أو أسلما