قال : ( وإذا ; فللمدعي أن يحلف المدعى عليه البيع على الثبات وشريكه على العلم ) لأن كل واحد منهما لو أقر بما ادعاه المدعي كان إقراره ملزما إياهما ، فإذا أنكر يستحلف كل واحد منهما لرجاء نكوله إلا أن المدعى عليه البيع يستحلف على فعل نفسه ، فيكون يمينه على الثبات ، وصاحبه يستحلف على فعل الغير ، فيكون يمينا على العلم . وأيهما نكل عن اليمين قضي بالجارية للمشتري بالثمن الذي ادعاه ; لأن نكوله كإقراره ، وإقرار أحدهما ملزم إياهما ، وكذلك لو ادعى رجل أن أحد المتفاوضين باعه خادما ، فجحد ذلك المتفاوضان ; لأن فيما هو من عمل [ ص: 195 ] التجارة فعل أحدهما كفعلهما ، وإقرار أحدهما ملزم للآخر فيحلف كل واحد منهما بدعوى المدعي ; فإن ادعى شيئا من ذلك عليهما جميعا كان له أن يستحلف كل واحد منهما ألبتة لأن كل واحد منهما الآن يحلف على فعل نفسه فأيهما نكل عن اليمين أمضى الأمر عليهما . وإن ادعى على ذلك أحدهما ، وهو غائب كان له أن يستحلف الحاضر على عمله ، فإن حلف ثم قدم الغائب كان له أن يستحلفه ألبتة كما لو كانا حاضرين ، وإن كان المفاوض هو الذي ادعى على رجل شيئا من ذلك ، وحلفه عليه ثم أراد شريكه أن يحلفه أيضا ; لم يكن له ذلك . والفرق من وجهين ( أحدهما ) : أن المفاوض المدعي يكون نائبا عن صاحبه بمنزلة الوكيل ، وبعدما استحلف بخصومه الوكيل لا يستحلف بخصومة الموكل ; لأن النيابة في الاستحلاف صحيحة . وإذا كانت الدعوى عليهما فلا يمكن أن يجعل المفاوض المدعى عليه نائبا عن صاحبه في الحلف ; لأن النيابة لا تجرى في اليمين . فلهذا كان للمدعي أن يحلف الآخر . ادعى تولية أو شركة أو إجارة أو تسليم دين أو تسليم دار بالشفعة
( والثاني ) : أن الاشتغال بالاستحلاف فيما إذا كان مفيدا فأما إذا لم يكن مفيدا فلا يشتغل به ، وإن كانت الدعوى من المتفاوضين فاستحلف المدعى عليه بخصومة أحدهما ; فلا فائدة في استحلافه لخصومة الآخر لأنه بعدما حلف في حادثة لخصومة إنسان لا يمتنع من اليمين في تلك الحادثة لخصومة الآخر ، فأما إذا كانت الدعوى عليهما وحلف أحدهما ; كان استحلاف الآخر مفيدا لأن أحدهما قد لا يبالي من اليمين ، والآخر يمتنع من ذلك ; إذ الناس يتفاوتون في الجرأة على اليمين . فلهذا كان للمدعي أن يستحلف الآخر بعد ما حلف أحدهما لرجاء نكوله .