قال : ( وإذا ; انقطعت المفاوضة بينهما ) لأن القاضي لما قضى بلحاقه بدار الحرب حتى يقسم ماله بين ورثته ، والمفاوضة تبطل بالموت حقيقة ، فكذلك إذا فقد موته حكما ، ولأنه صار حربيا ، ولا عصمة بين الحربي في دار الحرب والسلم في دار الإسلام . ألا ترى أن ابتداء المفاوضة بينهما لا يجوز ، وكذلك لا يبقى ، وإن رجع مسلما قبل أن يقضي القاضي بلحاقه ; كان على الشركة لأن اللحاق بدار الحرب قبل أن يتصل به قضاء القاضي بمنزلة الغيبة ; فلا تقطع الشركة ، ولأنه بمنزلة التوكيل لصاحبه ، والوكالة لا تبطل بردة الوكيل ولحاقه ، ما لم يقض القاضي به ، وكذلك المفاوضة وشركة العنان . فإن حكم الحاكم بلحاقه بدار الحرب ثم رجع مسلما ; فلا شركة بينهما لأنها قد انقطعت بتمويت القاضي إياه حين قضى بلحاقه . وفي ارتد أحد المتفاوضين ولحق بدار الحرب اختلاف وكلام قد بيناه في كتاب الوكالة . قال : ( وإذا ردة الوكيل والموكل ; لم يلزمه ذلك الدين في قول ارتد ولم يلتحق بدار الحرب ، ثم أقر بدين ثم قتل على ردته - رحمه الله تعالى ) ; [ ص: 213 ] لأن الإقرار تصرف منه في حال ردته ، وكان موقوفا عنده ، ويبطل إذا قتل - كسائر تصرفاته - وعند أبي حنيفة أبي يوسف - رحمهما الله تعالى - يلزمه كما يلزم شريك العنان ; لأن عندهما : ومحمد ، فكذلك تبقى بعد ردته . وأما المفاوضة فتوقف من المرتد عندهما إذا باشره ابتداء . وكذلك إذا ارتد بعد المفاوضة يتوقف من المرتد عندهما تلك الزيادة ، فإذا قتل أو لحق بدار الحرب ; بطلت الزيادة . وإنما بقيت شركة العنان بينهما إلى وقت موته . شركة العنان تصح من المرتد