وعن  ابن مسعود  رضي الله تعالى عنه قال : من رمى صيدا فتردى من جبل  فلا يأكله ، فإني أخاف أن يكون التردي قتله ، وإن رمى طيرا فوقع في ماء  فلا تأكله ، فإني أخاف أن يكون الغرق قتله ، وبه نأخذ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { قال  لعدي بن حاتم :  رضي الله تعالى عنه إذا وقعت رميتك في الماء فلا تأكل ، فإنك لا تدري أن الماء قتله أم سهمك   } ولأن التردي وجب للحرمة ، فإن الله تعالى ذكر جملة المحرمات المتردية ، وعند اجتماع معنى الموجب للحل ومعنى الموجب للحرمة يغلب الموجب للحرمة ، وهذا بخلاف ما لو رمى طيرا في الهواء فوقع على الأرض ومات  ، فإنه يؤكل ، وإن كان من الجائز أنه مات بوقوعه على الأرض ، فإن ذلك لا يستطاع الامتناع عنه فيكون عفوا ، والتكليف بحسب الوسع ، بخلاف الوقوع في الماء والتردي من موضع ، فإنه يستطاع الامتناع عنه ، ويستوي في ذلك طير الماء وغيره ; لأن طير الماء يعيش في الماء غير مجروح ، فأما بعد الجرح يتوهم أن يكون الماء قاتلا له ، كما يتوهم بغيره ، وهذا بخلاف ما لو ذبح شاة ، وتردى بعد الذبح من موضع ، أو وقعت في ماء    ; لأن قطع الحلقوم والأوداج ذكاة مستقرة ، فإنه يحادي بالموت عليه دون ما يتعرض بعده ، فأما الرمي ليس بزكاة مستقرة ، حتى إذا وقع الصيد في  [ ص: 225 ] يد الرامي حيا  لم يحل إلا بالذبح ; فلهذا كان التردي من الجبل ، والوقوع في الماء محرما له . 
				
						
						
