قال وإذا حل تناوله إذا لم يترك الطلب ; لأنه يستطاع الامتناع منه ، والتواري عن بصره لا يستطاع الامتناع عنه خصوصا في القناص والمستأجر ، والطير بعد إصابة السهم ربما يتحامل ، ويطير حتى يغيب عن بصره فيسقط ، فإن كان ترك الطلب إلى عمل آخر حتى إذا كان قريبا من الليل طلبه فوجد الصيد ميتا ، والكلب عنده والبازي ، وبه جراحة لا يدرى الكلب جرحه أو غيره لم يحل أكله عندنا ، وقال توارى الكلب والصيد عن المرسل المسلم ثم وجده المسلم ، وقد قتله وليس فيه أثر غيره رحمه الله تعالى يحل لأنه ظهر لموته سبب ، وهو ما كان منه من إرسال الكلب والبازي ، والرمي والحكم متى ظهر عقب سببه يحال عليه ، كما لو جرح إنسانا فلم يزل صاحب فراش حتى مات فجعل قاتلا له ، ولكن نستدل بما روي { الشافعي } ، وقال أن رجلا أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم صيدا فقال عليه الصلاة والسلام : من أين لك هذا . ؟ قال : كنت رميته بالأمس ، وكنت في طلبه حتى حال بيني وبينه ظلمة الليل ، ثم وجدته الليل ، وفيه من باقي فقال عليه الصلاة والسلام : لعل بعض الهوام أعانك على قتله ، فلا حاجة لي فيه كل ما أصميت ودع ما أنميت ، والإنماء التواري عن بصرك إلا أن قدر ما لا يستطاع الامتناع عنه جعل عفوا ، فأما ترك الطلب مما يستطاع الامتناع عنه ، والثابت بالضرورة ، ولا يعدو موضع الضرورة ، ثم في المدة القصيرة يؤمن إصابة آفة أخرى إياه ، ولا يؤمن ذلك إذا ترك الطلب وطالت المدة ، ولأنه لا يدري فلعله لو لم يترك الطلب وجده حيا فذكاه ، فمن هذا الوجه يكون تاركا ذكاة الاختيار فيه مع القدرة عليه ، وإن وجده وفيه جراحة أخرى ليس له أن يأكله ترك الطلب أو لم يترك ; لأنه ظهر لموته سببان أحدهما موجب للحل والآخر موجب للحرمة فيغلب كما لو وقعت الرمية في الماء . ابن عباس