قال : ( وإذا لم يفسدهما عليه ) ; لأنه قد تم إمساكه على صاحبه حين لم يأكل منه حتى وصل إلى يد صاحبه ، وبعد ذلك انتهاشه منه ومن لحم آخر في مخلاة صاحبه سواء ، فلا يخرج به من أن [ ص: 245 ] يكون معلما ، ولأن هذا من عادة الصيادين أن يأخذ الصيد من الكلب ثم يرمي بقطعة منه إليه ، وكأن الكلب طالبه بهذه العادة فهو دليل حذقه لا دليل جهله ، وإن أخذ الرجل الصيد من الكلب ثم وثب عليه الكلب فانتهش منه قطعة ورمى بها صاحبها إليه فأكلها لم يحل أكله لأنه لما أكل القطعة التي تمكن منها من الصيد عرفنا أنه غير معلم وأن سعيه لنفسه لا للإمساك على صاحبه ، وإنما ترك الأكل مما بقي ; لأنه شبع بتناول تلك القطعة ، وإن كان ألقى تلك القطعة وأخذه وقتله ولم يأكل حتى أخذه ثم عاد فأكل تلك القطعة لم تضره ; لأنه أمسك الصيد على صاحبه حين لم يأكل منه مع حاجته ، وتناوله تلك القطعة بعد وصول الصيد إلى صاحبه كتناول قطعة ألقاها إليه صاحبه بل ذلك دليل حذقه حتى اشتغل بتناول ما يعلم أن صاحبه لا يرغب فيه فهو بمنزلة ما لو شرب من دمه ، وقد بينا أن ذلك لا يحرم الصيد فكذلك هذا . انتهش الكلب من الصيد قطعة في اتباعه إياه فأكلها ثم اتبعه فأخذه أو أخذ غيره فقتله