قال : ( وإذا حل أكله استحسانا ) وفي القياس لا يحل لجواز أن يكون مات بوقوعه على الأرض ، وجه الاستحسان أن هذا مما لا يستطاع الامتناع عنه إذ ليس في وسعه أن يرميه على وجه يبقى في الهواء ، ولا يسقط وإن وقع في ماء أو على جبل ، ثم وقع منه على الأرض ومات لم يؤكل ، وفي الوقوع في الماء أثر عن أصاب السهم الصيد فوقع على الأرض ومات رضي الله عنه ، وفي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن مسعود رضي الله عنه ، وقد بينا ، ولأن من الجائز أن الماء قتله ، وهذا يستطاع الامتناع منه ، وكذلك إن وقع على جبل ثم منه على الأرض ، فهذا مترد ، ومن الجائز أن التردي قتله ، وقد قال الله تعالى في جملة المحرمات : { لعدي بن حاتم والمتردية } وكذلك كل ما أصابه قبل أن يستقر على مكانه الذي يموت عليه يعني وقع على شجرة ثم وقع منها على الأرض ، وإن مات على ذلك [ ص: 252 ] الشيء ولم يقع على الأرض حيا فهو حلال ، وكذلك إن مات قبل وقوعه في الماء ثم وقع في الماء ; لأن التردي والوقوع في الماء كان بعد تمام فعل الذكاة ، ولم يكن سببا لموته وإن وقع على جبل ومات ، ولو على السطح فمات حل لأن الموضع الذي وقع فيه بمنزلة الأرض ، وقد بينا أن ذلك لا يستطاع الامتناع منه فيكون عفوا ، وهذا إذا كان ما وقع عليه مما لا يقتل ، فإن كان مما يقتل مثل حد الرمح والقضيبة المنصوبة وحد الآجر واللبنة القائمة ونحوها لم يؤكل ; لأن هذا سبب لموته وهو فعل آخر سوى فعل الذكاة يستطاع الامتناع منه ، وفي الأصل قال : إن وقع على آجرة موضوعة على الأرض فمات فهذا بمنزلة الأرض ويؤكل ، وذكر في المنتقى لو وقع على صخرة فانشق بطنه فمات لم يؤكل ، وليس هذا باختلاف الروايات بل مراده ما ذكر في المنتقى إذا أصابه حد الصخرة فانشق بطنه بذلك ، وهذا سبب لموته سوى الذكاة ، ومراده مما ذكر في الأصل أنه لم يصبه من الآجرة إلا ما يصيبه من الأرض لو وقع عليه ، وذلك عفو لأنه لا يستطاع الامتناع منه .