قال ( والأضحية أحب إلي من التصدق بمثل ثمنها ) والمراد في أيام النحر ; لأن الواجب التقرب بإراقة الدم ، ولا يحصل ذلك بالتصدق بالقيمة ففي حق الموسر الذي يلزمه ذلك لا إشكال أنه لا يلزمه التصدق بقيمته ، وهذا ; لأنه لا قيمة لإراقة الدم وإقامة المتقوم مقام ما ليس بمتقوم لا تجوز وإراقة الدم خالص حق الله تعالى ، ولا وجه للتعليل فيما هو خالص حق الله تعالى وأشرنا [ ص: 14 ] بهذا إلى الفرق بين هذا والزكاة وصدقة الفطر وأما في حق الفقير التضحية أفضل لما فيه من الجمع بين ، ولأنه متمكن من التقرب بالتصدق في سائر الأوقات ، ولا يتمكن من التقرب بإراقة الدم إلا في هذه الأيام فكان أفضل وأما بعد مضي أيام النحر فقد سقط معنى التقرب بإراقة الدم ; لأنها لا تكون قربة إلا في مكان مخصوص وهو التقرب بإراقة الدم والتصدق الحرم ، وفي زمان مخصوص وهو أيام النحر .
ولكن يلزمه التصدق بقيمة الأضحية إذا كان ممن تجب عليه الأضحية ; لأن تقربه في أيام النحر كان باعتبار المالية فيبقى بعد مضيها والتقرب بالمال في غير أيام النحر يكون بالتصدق ، ولأنه كان يتقرب بسببين إراقة الدم والتصدق باللحم ، وقد عجز عن أحدهما وهو قادر على الآخر فيأتي بما يقدر عليه .