قال : ( ، فلا رجوع له فيه ) ; لأن المقصود لا يختلف بكون أحدهما مسلما ، أو مستأمنا ; ولأن الرحم مع المحرمية مانع من الرجوع في الهبة ، كما أنه موجب العتق عند دخوله في ملكه ، ويستوي في ذلك المستأمن والذمي ، والمسلم ، فكذلك في حق الرجوع ، فإن لم يقبض الموهوب له حتى رجع الحربي إلى دار الحرب ، بطلت الهبة ; لأن رجوعه إلى دار الحرب حربيا كموته ، فإن حربي دخل علينا بأمان ، وله عندنا أخ مسلم ، فوهب أحدهما لصاحبه شيئا ، وسلمه كالميت ، من في دار الحرب في حق من هو في دار الإسلام يبطل الهبة . وكذلك إن وموت الموهوب له قبل القبض فقد بطلت الهبة ، وبقي المال على ملكه فيوقف حتى يحضر هو ، أو نائبه فيأخذ ، ولا يبعث به إلى دار الحرب بمنزلة مال خلفه في دارنا ، وهذا لبقاء حكم الأمان في المال الذي خلفه هنا ، فإن كان الحربي أذن للمسلم في قبضه ، وقبضه بعد رجوعه إلى دار الحرب : جاز - استحسانا - وفي القياس : لا يجوز ; لأنه لما صار بمنزلة الميت بطلت الهبة ، ولا يبقى حكم إذنه في القبض ، كما لو مات حقيقة بعد الإذن في القبض ; وهذا لأنه أذن له في قبض متمم للهبة ، وذلك لا يكون إلا مع بقائه حيا حقيقة وحكما ، ووجه الاستحسان : أن إذنه في القبض باق بعد لحاقه ; لأن ابتداء إذنه في قبض هذا المال بعد لحاقه معتبر ، فإنه لو أرسل هذا الرجل ليأخذ ماله يجب تسليمه إليه ، فلأن يبقى إذنه كان أولى ، وإذا بقي إذنه : يجعل في الحكم كأنه سلمه إليه بنفسه . كان الحربي هو الواهب
وحقيقة الفرق بين هذا والموت الحقيقي : أن هناك المال صار حقا لوارثه ، وليس له إذن معتبر في ملك الغير ، وهذا المال بقي موقوفا على حقه ، فكان إذنه فيه معتبرا ; فلهذا يملك بالقبض بإذنه استحسانا .