قال : ( فإن ، فعليه أن يتصدق بجميع ما يملك من الصامت ، وأموال السوائم ، وأموال الزكاة ، ولا يتصدق بالعقار ، والرقيق ، وغير ذلك - استحسانا - ) ، وفي القياس : عليه أن يتصدق بجميع ذلك ، وهو قول قال جميع ما أملك صدقة في المساكين رحمه الله . وزعم بعض مشايخنا - رحمهم الله أن في قوله : " جميع ما أملك " يتصدق بالكل قياسا ، واستحسانا . وإنما القياس ، والاستحسان في قوله : مالي صدقة ، أو جميع مالي صدقة ، والأصح أنهما سواء . وجه القياس : أن اسم الملك حقيقة لكل مملوك له ، واسم المال لكل ما يتموله الإنسان ، ومال الزكاة في ذلك ، وغير مال الزكاة سواء ; ألا ترى أن في الإرث والوصية بالمال يستوي فيه ذلك كله ; وهذا لأن اللفظ معمول به في حقيقته - ما أمكن - ولكنه استحسن ، فقال : إنما ذكر المال والملك عند ذكر الصدقة ، فيختص بمال الزكاة بدليل شرعي ، وهو أن ما يوجبه على نفسه معتبر بما أوجب الله - سبحانه وتعالى - عليه ، والله - تعالى - أوجب الحق في المال ; ولذلك يختص بمال الزكاة ، فكذلك ما يوجبه على نفسه - بخلاف الوصية - ; وهذا لأن الصدقة - شرعا - إنما تكون عن غنى . زفر
{ } . والغني - شرعا - يختص بمال الزكاة ، حتى لا يكون مالك العقار والرقيق لغير التجارة غنيا شرعا ; فلهذا الدليل تركنا اعتبار حقيقة اللفظ ، وأوجبنا عليه التصدق بمال الزكاة وبخلاف الوصية والميراث ; فإن ذلك خلافه والحاجة إليه في مال الزكاة ، وغير مال الزكاة سواء ، ثم يمسك من ذلك قوته ، فإذا أصاب شيئا بعد ذلك تصدق بما أمسك ; لأن حاجته في هذا القدر مقدمة ; إذ لو لم يمسك احتاج أن يسأل الناس ، ولا يحسن أن يتصدق بماله ، ثم يسأل الناس من ساعته ، ولم يبين في الكتاب مقدار ما يمسك ; لأن ذلك يختلف بقلة عياله ، وكثرة عياله . وقيل : إن كان محترفا : فإنما يمسك قوت يوم ، وإن كان صاحب غلة : أمسك قوت شهر ، وإن كان صاحب ضياع : أمسك قوت سنة ; لأن يد الدهقان إلى ما ينفق إنما تتصل سنة فسنة ، ويد صاحب الغلة شهرا فشهرا ، ويد العامل يوما فيوما . قال - صلى الله عليه وسلم - : لا صدقة إلا عن ظهر غنى