قال : فله أن يرجع فيها . قال رجل وهب لرجل شجرة بأصلها ، فقطعها أبو عصمة : هذا غلط ، إلا أن يريد بقوله : بأصلها : بعروقها ، ويأذن له في قطعها ; لأن اتصال الموهوب بما ليس بموهوب في ملك الواهب في معنى الشيوع ; فلا تتم الهبة إلا بعد القطع ، وإذا تمت الهبة فيها وهي مقطوعة : فله أن يرجع فيها . فأما إذا كان المراد بقوله : بأصلها : بعروقها من الأرض - وذلك معلوم - مميز ، فالهبة تمت في الحال . ثم القطع بعد ذلك يجعل الشجرة في حكم شيء آخر ; لأنها كانت نامية ، وقد [ ص: 99 ] صارت حطبا ; فليس له أن يرجع فيها ; ألا ترى أنه قال : لو قطعها فجعلها أبوابا ، أو جذوعا ، لم يكن له أن يرجع فيها إذا عمل فيها شيئا - قل أو كثر - ; لأنها الآن ليست بشجرة كما وهبها له ، وله أن يرجع في موضعها من الأرض ، ولكن ما ذكره في الكتاب أصح ; لأن مجرد القطع في الشجرة نقصان - وإن كان يزيد في ماليتها - ; فهو - باعتبار رغائب الناس فيه - بمنزلة الذبح في الشاة ، والنقصان في الموهوب لا يمنعه من الرجوع ، بخلاف ما إذا جعلها أبوابا أو جذوعا : فذلك زيادة صفة حادثة في الموهوب بفعل الموهوب له ; فيمنعه من الرجوع فيها .
قال : ولو وهبها له بغير أصلها وأذن له في قبضها ، فقطعها ، وقبضها : كان له أن يرجع فيها ; لأن الهبة جازت وهي مقطوعة ، وفي الباب الأول جاز بالهبة وهي شجرة . وهذا إشارة إلى ما ذكره أبو عصمة : أنه بعد القطع لا يكون له أن يرجع فيها إذا تمت الهبة قبل القطع ، وإنما يرجع فيها إذا كان تمام الهبة بعد القطع .