قال : ولو : كان له أن يرجع في النصف الباقي ; لأن الشق نقصان في الثوب ، وخياطة القباء زيادة في النصف الذي حدثت الزيادة بفعله فيه تعذر الرجوع . وقد بينا أن تعذر الرجوع في النصف لا يمنعه من الرجوع في النصف الباقي . وإن قال : وإن وهبه ثوبا ، فشقه نصفين ، فخاط نصفا قباء ، ونصفه الآخر على حاله : كان له أن يرجع فيها ; لأن الذبح نقصان في العين ; فإن عمله في إزهاق الحياة . قال : وإن ضحى بها أو ذبحها في هدي المتعة : لم يكن له أن يرجع فيها ، في قول وهب له شاة ، فذبحها ، وقال أبي يوسف : يرجع فيها ، وتجزئه الأضحية ، والمتعة للذابح ، ولم يذكر قول محمد ، [ ص: 100 ] وقيل : قوله : كقول أبي حنيفة ، أما أبي يوسف يقول : ملك الموهوب له لم يزل عن عينها ، والذبح نقصان فيها ; فلا يمنع الرجوع فيما بقي ، كالشاة للقصاب ; وهذا لأن معنى القربة في نيته وفعله دون العين ، والموجود في العين قطع الحلقوم والأوداج سواء كان على نية اللحم ، أو نية القربة . والذي حدث في العين أنه تعلق به حكم الشرع من حيث التصدق به ، وذلك لا يمنع الرجوع كرجوع الزكاة في المال الموهوب في يد الموهوب له ، بل أولى ; لأن التصدق هنا ليس بمتحتم ، حتى يكون له أن يأكله ويطعم من شاء من الأغنياء - بخلاف الزكاة - محمد يقول في التضحية : جعلها الله - تعالى - خالصا ، وقد تم ذلك ، فلا يرجع الواهب فيه بعد ذلك ، كما لو كان الموهوب له أرضا فجعلها مسجدا . وبيان قولنا : أن في التقرب بإراقة الدم ، وقد حصل ذلك ; ألا ترى أنه لو سرق المذبوح ، أو هلك : كان مجزئا عنه ، وإباحة التناول منه بإذن من له الحق بقوله : تعاليا أفطرا منها . وأبو يوسف
ألا ترى أنه يجوز له أن يتصرف فيها على غير الوجه المأذون فيه ، وهو بطريق التجارة ويمنع من ذلك ، ولو فعله كان ضامنا ، فعرفنا أنه تم معنى التقرب به ، فيكون نظير هذا من الزكاة : ما إذا أداه إلى الفقير بنية الزكاة ، وليس للواهب أن يرجع فيه بعد ذلك . وهذا الفعل في صورة ذبح شاة القصاب ولكن في المعنى والحكم غيره ولا تعتبر الصور ، ألا ترى أن الذبح يتحقق من المسلم ، والمجوسي ، والتضحية لا تتحقق إلا ممن هو أهل ، فعرفنا أنه في المعنى غير الذبح . ثم عند : برجوع الواهب لا تبطل التضحية ; لأن رجوعه في القائم دون ما يلاشى منه ، وقد بينا أن الرجوع ينهي ملك الموهوب له ; فإنما انعدم ملكه بغير اختياره ، وهو في حق نظير ما لو هلك بعد الذبح . محمد