باب هبة المريض ( قال : ولا يجوز ، ولا صدقته إلا مقبوضة فإذا قبضت : جازت ) ، وقال هبة المريض : تجوز غير مقبوضة ; لأنها وصية بدليل أنها تعتبر من الثلث فالوصية تتأكد بالموت - قبضت أو لم تقبض - ولا تبطل به ، فكذلك الهبة في المرض ; وهذا لأن المرض سبب الموت ، وجعل ما يباشره المريض في الحكم كالثابت بعد موته ، حتى لو طلق زوجته ثلاثا ، ورثته بمنزلة ما لو وقعت الفرقة بينهما بالموت ، فهذا مثله ، ولكنا نقول : المعنى الذي له ولأجله لا تتم الهبة والصدقة من الصحيح إلا بالقبض موجود في حق المريض ، وهو أنه تمليك بعقد تبرع ; فيكون ضعيفا في نفسه لا يفيد حكمه ، حتى ينضم إليه ما يؤيده ، وهذا في حق المريض أظهر ; لأن تصرفه أضعف من تصرف الصحيح . واعتباره من الثلث لا يدل على أنه غير ثابت في الحال - ككفالته ، فإعتاقه ، وهذا بخلاف الوصية ; فإنها خلافة - ثم الملك من ثمراتها ، والخلافة لا تكون إلا بعد الموت ، وهذا عقد تمليك ، لا يحتمل الإضافة ، فإذا لم يتفق قبل الموت تبطل بالموت ، كالبيع الموقوف ، إذا لم يتصل به الإجازة حتى مات أحدهما . ولا يقول : الطلاق يصير كالمضاف ، ولكن تقام العدة عند الموت مقام حقيقة النكاح أنها لحقها في ماله بعد تعلقه ، ولهذا اعتبرنا هبته من الثلث هنا ، وأن حق الوارث تعلق بثلثي ماله بمرضه ، فلإبقاء حقهم جعلنا هبته من الثلث . ابن أبي ليلى