قال : ( وإن فلا خير فيه على هذا الشرط ) لأن العقد ينتهي بالإيفاء في المكان المشروط ثم قد شرط لنفسه منفعة بعد انتهاء العقد وهو الحمل وذلك مفسد للعقد كما لو شرط أن يطحنه وإن اشترط أن يوفيه إياه في منزله فلا بأس به استحسانا والقياس فيه مثل الأول من أصحابنا رحمهم الله تعالى من يقول موضع هذا القياس والاستحسان إذا اشترط أن يوفيه في منزله بعد ما يوفيه في مكان كذا ليكون الفصل الثاني على وزان الفصل الأول وفي القياس لا يجوز لاشتراطه منفعة لنفسه بعد ما انتهى العقد نهايته إذ لا يتأتى إيفاؤه في منزله بعد الإيفاء في المكان المشروط إلا بالحمل فلفظ الحمل والإيفاء فيه على السواء وفي الاستحسان قال : ( إن اشترط بلفظه الإيفاء فالثاني مثل الأول من جنسه فينفسخ به الشرط الأول ويصير كأنه اشترط ابتداء هذا ) فأما الحمل ليس من جنس الإيفاء فلا ينفسخ به الشرط الأول وهو نظير ما لو اشترط على المسلم إليه أن يحمل السلم إلى منزل صاحب السلم بعد ما يوفيه إياه في المكان الذي شرطه انفسخ به العقد الأول ولو وهبه لم ينفسخ به العقد الأول وبيان المجانسة أن العقد يقتضي الإيفاء لا محالة ولا يقتضي الحمل ألا ترى أن رب السلم قد يأتي إلى المسلم إليه ليوفيه في منزله فلا يحتاج إلى الحمل فعرفنا أن الحمل ليس من جنس الإيفاء من حيث إن العقد قد يخلو منه باعه بألف ثم باعه بالفين
وقيل بأن القياس والاستحسان فيما إذا اشترط ابتداء أن يوفيه في منزله في القياس لا يجوز لأنه لم يعين منزله وإنما المراد منزله عند حلول الأجل وذلك غير معلوم وقد يكون في هذا المصر وقد يكون في مصر آخر ولكنه استحسن فقال : العادة لم تجر باستبدال المنزل بالمنزل في كل وقت أو الانتقال من المصر إلى المصر للتوطن ومنزله للحال معلوم فباعتبار الظاهر يكون هذا منزله عند حلول الأجل والتعين بالعرف كالتعيين بالنص وقيل بل موضع القياس والاستحسان ما إذا شرط أن يوفيه في منزله ولا يعلم المسلم إليه منزله في المصر [ ص: 161 ] في أي محلة هو ففي القياس لا يجوز للجهالة وفي الاستحسان يجوز لأن نواحي المصر كمكان واحد ولكن في هذين الوجهين لا فرق بين أن يكون بلفظ الحمل أو بلفظ الإيفاء وفي الكتاب قال : نأخذ بالحمل في القياس وفي هذا بالاستحسان فعرفنا أن مراده الوجه الأول .