ولا يجوز في قول بيع السويق بالدقيق متساويا ولا متفاضلا وقال : أبي حنيفة أبو يوسف رحمهما الله تعالى يجوز البيع تساويا أو تفاضلا بعد أن يكون يدا بيد لأنهما جنسان مختلفان فإن الاسم مختلف والمقصود مختلف لأنه يقصد بالدقيق اتحاد الخبز والعصايد والأطولة منه ولا يحصل شيء من ذلك بالسويق إنما يلت بالسمن والعسل فيؤكل كذلك أو يضرب بالماء فيشرب فكان التفاوت بينهما في المقصود أظهر من التفاوت في الهروي والمروي من الثياب وكذلك كل واحد منهما لا يصير مثل صاحبه بحال فالسويق لا يصير دقيقا والدقيق لا يصير سويقا بحال واختلاف الجنس يعرف بهذا ثم اتحاد الأصل لا يمنع اختلاف الجنس باعتبار هذه المعاني كالأدهان وعن ومحمد أنه يجوز البيع متساويا لا متفاضلا لأن الدقيق قد يصير سويقا بأن يرش عليه الماء ثم يقلى فيصير سويقا أبي يوسف وببغداد يتخذ السويق بهذه الصفة فتعتبر المساواة بينهما لجواز العقد باعتبار المال طريقان ( أحدهما ) أن السويق أجزاء الحنطة المقلية والدقيق أجزاء حنطة غير مقلية وبيع الحنطة المقلية بغير المقلية لا يجوز بحال فكذلك [ ص: 179 ] ولأبي حنيفة وتحقيق هذا أنهما إنما جعلا جنسا واحدا بل الطحن فعرفنا أنهما جنس واحد بعد الطحن فيهما عمل بصفة واحدة فلا يوجب اختلاف الجنس وإذا كان جنسا واحدا تعتبر المماثلة على الوجه الذي صار مال الربا وهو قبل القلي والطحن وبتساويهما كيلا في الحال لا تظهر تلك المماثلة فلا يجوز العقد بيع السويق بالدقيق
والطريق الآخر أن بيع الحنطة بالسويق لا يجوز بالاتفاق وربا الفضل لا يثبت إلا باعتبار المجانسة ولا مجانسة بين الحنطة والسويق صورة فعرفنا أن المجانسة باعتبار ما في الضمن والذي في ضمن الحنطة دقيق فتثبت المجانسة بين السويق والدقيق بعد الطحن كما تثبت المجانسة بين السويق والحنطة باعتبار ما في الضمن قبل الطحن يوضحه أن بيع الحنطة بالدقيق ربا ربا ومن ضرورة كون كل واحد منهما جنسا للحنطة أن يكون أحدهما جنسا للآخر وإنما اختلف الاسم للصنعة لا اسم العين فكل واحد منهما أجزاء متفرقة فيما كان له لت الحنطة قبل التفريق وليس فيه أكثر من أنه فات بعض المقاصد في السويق وبه لا يختلف الجنس كالحنطة المقلوة بغير المقلوة والعلكة مع الرخوة والتي أكلها السوس فإنها لا تصلح للزراعة واتخاذ الهريسة والكشك منها ولا يوجب ذلك اختلاف الجنس فكذلك الدقيق مع السويق وبيع الحنطة بالسويق