من الصغير ما دام صغيرا ، فإذا بلغ فليس ذلك بعيب إلا أن يأبق بعد الكبر ، وهذا إذا كان بحيث يميز ، أما في الصغير جدا ، فهذا لا يكون عيبا ; لأنه يضل ولا يأبق والإباق يكون عن قصد منه ، وهو ليس من أهله ولكنه لا يهتدي إلى بيت مولاه فيضل كالدابة ، فأما إذا كان مميزا فالإباق والقصد إلى ذلك يتحقق منه ، وهو عيب فيه ما لم يبلغ ، فإذا بلغ زال ذلك ، وإن أبق بعد البلوغ مرة فهو عيب لازم أبدا والسرقة كذلك قال والإباق مرة واحدة عيب ; لأنه يكون من أمثاله عادة وأما والبول في الفراش كذلك في حق الصغير جدا لا يكون عيبا فهو عيب لازم أبدا سواء وجد في حالة الصغر أو بعد البلوغ والفرق أن سبب الجنون واحد لا يختلف بالصغر والكبر ، وهو آفة في العقل ، فإذا وجد مرة فأثره يبقى فيه ما عاش ، وذلك يظهر في حماليق عينيه بمعرفة أهل البصر فيه وأما سبب الإباق والسرقة والبول في الفراش في حالة الصغر فمخالف لسبب هذه العيوب بعد البلوغ ; لأن الإباق في الصغر سببه سوء الأدب وحب اللعب وسببه بعد البلوغ التمرد وقلة المبالاة بالمولى ، وكذلك السرقة سببها [ ص: 109 ] قبل البلوغ قلة التأمل في عواقب الأمور بسبب الصغر وبعد البلوغ سببها التمرد ; ولهذا لا يجب بها على الصبي ما يجب بها على البالغ وسبب البول في الفراش قبل البلوغ استرخاء في المثانة بسبب الصغر وسببه في البلوغ آفة في الآلة الماسكة ، فإذا وجد في حالة الصغر فهو عيب ما دام صغيرا ، فإذا بلغ زال ذلك السبب فزال الحكم أيضا ، فإذا وجد بعد البلوغ ، فهو عيب لازم أبدا ; لأن التجار يعدونه عيبا فهو ينقص من المالية والإباق سوى المالية فيه حكما فكان من أفحش العيوب . الجنون إذا وجد مرة