قال وإن جاز في قول اشترى وكيل البائع بأقل من الثمن الأول ولا يجوز في قول أبي حنيفة أبي يوسف رحمهما الله ، وهو بناء على ما تقدم أن المسلم إذا وكل ذميا بشراء خمر له أو بيعها عند ومحمد يجوز وينزل الوكيل في ذلك منزلة العاقد لنفسه فكذلك هنا الوكيل عنده كالعاقد لنفسه ثم الملك ينتقل إلى الموكل حكما فهو كما لو اشتراه لنفسه ثم مات فورثه البائع منه . أبي حنيفة
وعند أبي يوسف رحمهما الله هناك يعتبر حال الموكل ويجعل عقد الوكيل له كعقده لنفسه فهنا أيضا يجعل كذلك والموكل هنا بائع لا يجوز شراؤه بأقل من الثمن الأول فكذلك شراء الوكيل له إلا أن ومحمد يسوي بين الفصلين ويقول هناك التوكيل باطل والوكيل يصير في الشراء عاقدا لنفسه فهنا أيضا يصير الوكيل مشتريا لنفسه شراء صحيحا أبا يوسف يفرق بينهما فيقول هناك الوكيل يصير مشتريا لنفسه وهنا يصير مشتريا للموكل شراء فاسدا حتى يصير بقبض الوكيل مضمونا بالقيمة على الموكل ; لأن المسلم ليس من أهل العقد على الخمر حتى لو اشترى الخمر لنفسه لا يملك ، وإن قبض فكذلك توكيله بالشراء باطل أما البائع هنا فمن أهل مباشرة هذا العقد حتى لو اشتراه بنفسه انعقد شراؤه فاسدا ، فكذلك إذا وكل غيره فيه ; لأن التوكيل بالشراء الفاسد صحيح كالتوكيل بالشراء إلى الحصاد والدياس وبعد صحة الوكالة ، وبعد صحة الوكالة شراء الوكيل كشراء الموكل وقبض الوكيل للموكل فيصير مضمونا عليه بالقيمة ولكن ومحمد يقول متى أمكن تصحيح العقد لا يجوز إفساده لا معارضة بين الفاسد والصحيح وهنا لو جعلناه مشتريا لنفسه كان الشراء صحيحا ، ولو جعلناه مشتريا للآمر كان الشراء فاسدا فينبغي أن يجعل مشتريا لنفسه شراء صحيحا . أبو يوسف
وفيه شبهة على مذهب قال إن البائع أو ابنه لا يشتريه لنفسه وما تحصل للبائع من الملك بشراء [ ص: 125 ] الوكيل فوق ما تحصل بشراء ابنه لنفسه ، وإن جعل هذا نظير الخمر في الوكالة فكذلك ينبغي أن يجعل في شراء ابن البائع ومملوك البائع فإن أبي حنيفة جاز شراؤه ، وكذلك لو كان له أب كافر فاشترى خمرا يجوز شراؤه فمن هذا الوجه يشكل مذهب المسلم إذا كان له عبد مكاتب أو عبد مأذون كافر فاشترى خمرا قال الشيخ الإمام : الأصح عندي في إزالة هذا الإشكال أن المنع هنا لأجل العقد لا لأجل المعقود عليه بدليل أن أحد العقدين لو كان هبة كان كل واحد من العقدين صحيحا وكل من له الحق في العقدين جميعا لا يجوز منه الشراء كالبائع ، وليس للوكيل حق في العقد الأول ; فلهذا صح منه العقد الثاني وإن كان حكمه يثبت للبائع فأما الأب والابن فلهما حق في العقدين فنزلا منزلة البائع في ذلك بخلاف مسألة الخمر فهناك المنع لانعدام صفة المالية والتقوم في الخمر وإنما يعتبر ذلك في حق العاقد خاصة ، فإذا كان العاقد كافرا صح العقد سواء ثبت به حق الملك أو حقيقة الملك أو شبهة الملك لمسلم ; لأن ذلك يثبت بطريق الحكم . أبي حنيفة