وعن أبي رافع قال : سألت رضي الله عنه عن الصوغ أصوغه فأبيعه قال وزنا بوزن فقلت : إني أبيعه وزنا بوزن ، ولكن آخذ فيه أجر عمل فقال : إنما عملك لنفسك ، ولا تردد شيئا فإن { عمر بن الخطاب } ، ثم قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نبيع الفضة إلا وزنا بوزن أبا رافع إن الآخذ والمعطي والشاهد والكاتب شركاء ، وفيه دليل فإن عمر رضي الله عنه بين له أنه في الابتداء عمل لنفسه فلا يستوجب الأجر به على غيره ، ثم ما يأخذ من الزيادة عوضا عن الصنعة [ ص: 8 ] ولا قيمة للصنعة في البيع ، ثم بين شدة الحرمة في الربا بقوله : الآخذ والمعطي والكاتب والشاهد فيه سواء أي في المأثم ، وهو نظير ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { حرمة الفضل ، وأنه لا قيمة للصنعة فيما هو مال الربا } ، وقال صلى الله عليه وسلم { لعن الله في الخمر عشرة } والأصل في الكل قوله { الراشي والمرتشي والرايش في النار ، ولعن الله من أعان الظلمة ، أو كتب لهم ولا تعاونوا على الإثم والعدوان }
وعن أبي الوداك عن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي سعيد الخدري رضي الله عنهما يقول : ليس في يد بيد ربا فمشى إليه ابن عباس رضي الله عنه وأنا معه فقال له : أسمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع ؟ فقال : لا ، فحدثه أبو سعيد رضي الله عنه الحديث ، فقال أبو سعيد رضي الله عنهما لا أفتي به أبدا ابن عباس } ، وفيه دليل على أن : الذهب بالذهب ، الكفة بالكفة ، والفضة بالفضة ، الكفة بالكفة ، ولا خير فيما بينهما فقلت إني سمعت إذا اعتدل البدلان في كفة الميزان جاز البيع ، وإن لم يعلم مقدار كل واحد منهما لتيقننا بالمماثلة وزنا ، والمماثلة إذا وزن أحدهما بصاحبه أظهر منه إذا وزن كل واحد منهما بالصنجات ، وفيه دليل رجوع بيع الذهب والفضة بجنسهما رضي الله عنهما عن فتواه في إباحة التفاضل ، وأن الحديث صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد انقاد لهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، وهذا لأن ابن عباس رضي الله عنه كان من كبار الصحابة رضوان الله عليهم معروفا بينهم بالعدالة والورع ، وإنما مشى إلى أبا سعيد رضي الله عنهما بطريق الخشية لإظهار الشفقة ، وإن كان لو دعاه إلى نفسه لأتاه ، وهذا هو الأحسن للكبير في معاملة من هو أصغر منه وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين فإني أخاف عليكم الربا ، وقد نقل هذا اللفظ بعينه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أخاف عليكم الإرباء . عمر