ولو الكوفة إلى مكة ، فباعها هناك ; أجزت البيع ; لأن الآمر بالبيع مطلق ، ففي أي موضع باعه فهو ممتثل ، ولا ألزم الآمر من الآخر شيئا ; لأنه لم يأمر بالاستئجار ، فهو متبرع فيما التزم من ذلك ، وقال في رواية وكله ببيع عبد له ، أو عرض له حمل ومؤنة فاستأجر ، وخرج بها من أبي حفص : أجزت البيع إذا باعه بمثل ثمنه في الموضع الذي أمره ببيعه فيه ، وهذا مستقيم على أصل أبي يوسف - رحمهما الله - ; لأن عندهما التوكيل بالبيع مطلقا ، يتقيد بالبيع بمثل القيمة ، لو باعه في ذلك الموضع ، فكذلك في موضع [ ص: 65 ] آخر ، وعند ومحمد لا يتقيد بذلك إذا باعه في ذلك الموضع ، فكذلك في موضع آخر ، وأعاد هذه المسألة في كتاب الوكالة ، وقال في جوابها : لم أجز البيع ; لأنه لم يأمره بالخروج به ، اتفق على ذلك رواية أبي حنيفة أبي سليمان ، ورواية أبي حفص وهو الأصح ; لأنه لو اعتبر مطلق الأمر حتى يجوز بيعه في مكان آخر ; لكانت مؤنة النقل إلى ذلك المكان على الموكل ، كما لو أمره بالبيع في ذلك المكان ; وهذا لأن إحضار السلعة على البائع ; ليستوفي الثمن ، ويسلم المبيع ، ولا يمكن إيجاب هذه المؤنة عليه ، وربما يبلغ ذلك ثمن السلعة ، أو يزيد عليه ، فهذا دليل مقيد لمطلق الأمر بالمصر الذي يباع فيه المتاع ; فلهذا لا يجوز بيعه في مكان آخر ، بخلاف ما لا حمل له ، ولا مؤنة ، وبمثل هذا قال في الكتابين : لو ضاع ، أو سرق قبل أن يبيعه فهو ضامن له ، وبهذا تبين أنه : لا يكون مأذونا من جهته في الإخراج إلى ذلك الموضع ، وكذلك لو خرج به ، ولم يتفق له بيعه ، كانت مؤنة الرد عليه دون الآمر ، فعرفنا أنه كالغاصب في غير ذلك الموضع .