فإن فهو جائز ; لأن التوكيل إنما حصل بالصرف بدراهم في الذمة ; إذ النقود لا تتعين في العقود ، ألا ترى أنه لو صرف تلك الدراهم كان للموكل أن يمنعها ، ويعطي غيرها ، فصرف الموكل تلك الألف بنفسه ، لا يكون تصرفا منه ، فيما تتناوله الوكالة ، فلا يوجب عزل الوكيل ، وكذلك لو كانت الأولى باقية ، وأخذ الوكيل غيرها فصرفها ; لأن الصرف انعقد بدراهم في ذمته سواء أضافه إلى تلك الألف ، أو غيرها فيكون ممتثلا أمره في ذلك ، وكذلك الدنانير ، والفلوس ، فإن قيل : أليس أن تلك الألف لو هلكت بعد التسليم إلى الوكيل ، قبل أن يصرفها بطلت الوكالة ؟ ولو لم تتعلق الوكالة بها لما بطلت الوكالة بهلاكها ، قلنا : الوكالة لا تتعلق بعينها حتى لو صرفها ، ثم هلكت قبل التسليم ، كان له أن يطالب الموكل بألف أخرى ، فأما إذا هلكت قبل أن يصرفها ، إنما بطلت الوكالة لمعنى دفع الضرر عن الموكل فربما يشق عليه أداء ألف أخرى بعد هلاك تلك الألف ، ولا ضرر على الوكيل في إبطال الوكالة ; إذا هلكت قبل أن يصرفها ، وهذا لا يوجد إذا كانت قائمة في يد الموكل ، أو صارف بها ; لأنه لا ضرر عليه في إبقاء الوكالة على الوجه الذي انعقدت في الابتداء ، وهو الصرف بدراهم في الذمة ، ولو وكله بألف درهم يصرفها له ، ثم إن الموكل صرف تلك الألف فجاء الوكيل إلى بيت الموكل ، فأخذ ألفا غيرها فصرفها ، لم يجز له ; لأن [ ص: 66 ] الوكالة تعلقت بتلك العين ، فإنها أضيفت إليه بعينه ، وهو مما يتعين بالتعيين في العقد . أمره ببيع فضة بعينها ، أو ذهب بعينه ، أو عرض من عروض ، فباع غيره ،