. قال : ( ) لحديث وتوطين أهل العسكر أنفسهم على الإقامة وهم في دار الحرب محاصرون لأهل المدينة ساقط وهم مسافرون رضي الله تعالى عنه أن رجلا سأله فقال : إنا نطيل الثوي في دار الحرب ، فقال : صل ركعتين حتى ترجع إلى أهلك ، ولأن نية الإقامة لا تصح إلا في موضع الإقامة ، ودار الحرب ليس بموضع لإقامة المحاربين من المسلمين ; لأنه غير متمكن من الفرار بنفسه بل هو بين أن يهزم العدو فيفر وبين أن ينهزم فيفر ، ولأن فناء البلدة تبع لجوفها والبلدة في يد أهل الحرب ، فالموضع الذي فيه العسكر كان في أيديهم أيضا [ ص: 249 ] حكما . وكذلك إذا نزلوا ابن عباس المدينة وحاصروا أهلها في الحصن فلا قرار لهم ما داموا محاربين ، فكان نية الإقامة في غير موضع الإقامة مقاس نية السفر في غير موضعها ، وكذلك إن حاربوا أهل البغي في دار الإسلام وحاصروهم ، وقال رحمه الله تعالى في الفصلين جميعا : إن كانت الشوكة والغلبة للعدو لم تصح نيتهم الإقامة ، وإن كانت الشوكة لهم صحت نيتهم الإقامة ; لأنهم يتمكنون من الفرار باعتبار الظاهر ، وقال زفر رحمه الله تعالى إن كانوا في الأخبية والفساطيط خارج البلدة لم تصح نيتهم الإقامة ، وإن كانوا في البيوت والأبنية صحت نيتهم الإقامة ; لأن الأبنية موضع الإقامة دون الصحراء ، وعلى هذا اختلف المتأخرون في الذين يسكنون الأخبية في دار الإسلام كالأعراب والأتراك ، فمنهم من يقول : لا يكونون مقيمين أبدا ; لأنهم ليسوا في موضع الإقامة ، والأصح أنهم مقيمون ; لأن الإقامة للمرء أصل والسفر عارض وهم لا ينوون السفر قط إنما ينتقلون من ماء إلى ماء ، ومن مرعى إلى مرعى فكانوا مقيمين باعتبار الأصل . أبو يوسف